عادي

«بيت» يقتل أشهر شاعر عربي

18:06 مساء
قراءة دقيقتين
الشارقة – «الخليج»
في حياة بطل قصتنا لهذا اليوم، حكاية غريبة، بل وسوريالية، ومصدر غرابتها، هو أنها ربما الأولى من نوعها، التي تحدث لشاعر في تاريخ «ديوان العرب» القديم والحديث، وهو أن يتسبب بيت شعر بعينه في مقتل صاحبه.
أما الشاعر فهو المتنبي، (أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، المولود في الكوفة عام 303هـ ).
وأما بيت الشعر فهو:
الخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي.... وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ
وحين يذكر اسم «المتنبي»، فهو شاعر العرب الأول بامتياز، فلا خلاف بين شعراء العربية حول عظمة هذا المبدع، حاد الذكاء، الشاعر الذي لا يشق له غبار في كل أغراض الشعر في الوصف والمفاخر والمديح والهجاء وفي المناسبات الاجتماعية كلها.
هو كما وصفه النقاد والشعراء على حدٍ سواء، نادرة زمانه وأعجوبة عصره، فقد كان من أفصح الشعراء في وقته، وتجري الكلمات على لسانه كما يجري الماء على سطح أملس، يملك ناصية اللغة والبيان.
عرف المتنبي بكبريائه وشموخ أنفته، واعتزازه بنفسه، وكان إلى هذا، شاعر يعتز بعروبته، وكان مُجيداً للشعر حتى عرف بين الشعراء بأفضل من كتب في الحكمة وفلسفة الحياة، وكانت عباراته الشعرية بما فيها من معان وعبر، محل افتتان شعراء عصره، فهو أفضل من قدم صياغات بلاغية قوية ومحكمة، صنفته في مرتبة أعلى بين شعراء زمانه، ولهذا فقد استماله سيف الدولة الحمداني، الذي كتب فيه وفي حكمه مدائح، ما زالت تعتبر إلى اليوم من أبرز ما في كتب صنف المديح، وقد قيل إن مدائحه في سيف الدولة كانت نابعة من حب المتنبي وإخلاصه لسيف الدولة دون سواه، والظريف في شعرية المتنبي، هو إتقانه لهذه المهارة الشعرية، من دون تكلف أو إسفاف، بل كان شاعراً كبيراً متفجر الأحاسيس يمتلك ناصية البيان، والخيال البديع الذي يميز أشعاره بأطياف من العذوبة والألق والجمال.
وعودة إلى البيت الذي تسبب في مقتله، فقد حدث ذلك أثناء عودة المتنبي إلى الكوفة بصحبة ابنه محسد، فرصدته جماعة من قطاع الطرق، تربصوا به وكان زعيمهم يدعى فاتك ابن أبى جهل الأسدي، الذي سبق أن كان المتنبي قد هجا ابن أخته ضبة في أمه، الأمر الذي جعل فاتك يقرر الانتقام منه، فأخذ معه رجاله وانتظره في الطريق، ولما مر المتنبي قتله وقتل ابنه.
فلما أراد المتنبي أن يفر من المواجهة، قال له غلامه: كيف تهرب وأنت قائل:
الخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي.... وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ
فقال له: قتلتني قتلك الله، وعاد المتنبي للقتال حتى قُتل، وفي قول آخر، فقد جعله الكبر يصمد ولا يفر؛ لينجو بنفسه، بل واجه مصيره بشجاعة حتى قتل.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"