المنارات العشر نحو المئوية

00:12 صباحا
قراءة دقيقتين

أليس المبدأ السابع من وثيقة «مبادئ الخمسين» يُقرأ من خاتمته؟ بهذه الجملة عن الإمارات ينتهي: «سيجعلها العاصمة القادمة للمستقبل». أمّا عن السؤال: كيف؟ والسؤال: عاصمة ماذا؟ وهل المستقبل بلد له حدود جغرافية وشعب حتى تكون له أقاليم لها محافظات عليها عاصمة؟ فإن الأجوبة كلها في «كيف».
الأسلوب التشريعي الدستوري يفتتح المبدأ السابع بلغة الحسم والعزم، حتى يتلقى المنفذون الأمر بجلاء فلا رجعة فيه، وينطلقوا بلا هوادة أو تردّد. الخطة الاستراتيجية ثلاثية واضحة لا لبس فيها: «التفوّق الرقميّ والتقنيّ والعلميّ لدولة الإمارات، سيرسم حدودها التنمويّة والاقتصاديّة». بداهة، لا يمكن الطموح إلى «عاصمة المستقبل»، من دون تفوّق في اللغة، أو اللغات، التي هي لسان مقبل السنين والعقود: الرقميّ، التقانة والعلوم.
جوهر النظريّة الكامن بين سطور المبدأ السابع هو أن البشريّة في منعطف حضاريّ يشهد تغييراً جذرياً في النموذج الفكري (باراديجم): التحوّل نحو اللاّمادّة التي تتحكم في المادّة، الآلة التي لها سمع وبصر وتحاور وتناور، وقد تفاجئنا ذات يوم بأنها قادرة على أن تعي ذاتها وصفاتها.
 تغيير النموذج الفكري، أو الإطار الإدراكي، هو تماماً مثل ذلك الذي حدث في الانتقال من الثورة الزراعية إلى الثورة الصناعية، كل أنماط الفكر والتفكير تغيّرت. ما يحدث منذ بضعة عقود، هو أن التحولات حاضراً مضروبة في ألف، في مليون، عمّا كانت عليه الأمور في الثورة الصناعية. من دون تصوير كاريكاتوري، ما نراه، مقارنة بالقرن التاسع عشر، يشبه الفارق المهول بين الثورة الصناعية والعصر الحجري الأوّل.
هو ذا المبدأ السابع، برفعه الرايات الثلاثية: الرقمية، التقنية والعلمية، يعيدنا إلى تأسيس التفوّق في المبدأ الرابع على: «تطوير التعليم، استقطاب المواهب، الحفاظ على أصحاب التخصصات، والبناء المستمر للمهارات»، تأمّل جيّداً التجاوب بين المبدأين في خاتمة المبدأ الرابع: «هو الرهان للحفاظ على تفوق دولة الإمارات». في السابع تعود لازمة التناغم، فذلك التفوق الثلاثي للإمارات سيؤدي إلى: «ترسيخها كعاصمة للمواهب، والشركات والاستثمارات في هذه المجالات، وسيجعلها العاصمة القادمة للمستقبل».
 بهذا تكون الخطة الاستراتيجيّة سيمفونية متكاملة الحركات: نظام تعليمي يتطوّر بجرأة منهجيّة علميّة، لكي يكون الساعد الأيمن للتنمية الشاملة، واستقطاب غير محدود للمواهب، وتوفير البيئة المثلى للشركات والاستثمارات.
لزوم ما يلزم: النتيجة الارتقائية: من امتلك مقاليد التقانة والعلوم، دخل عاصمة المستقبل فاتحاً. الإمارات اليوم هي ما هي في خمسينها الأولى، فكيف ستتجلى في مئويتها؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"