المنارات العشر للعقود الخمسة

ما «هو الطريق الأسرع والأكثر فعالية في ترسيخ اتحاد دولة الإمارات»؟، إنها الجملة الأخيرة في المبدأ الأول من وثيقة «مبادئ الخمسين»، ولم ترد على صورة سؤال، لكن نص المبدأ إجابة فيها نبراس لعقود خمسة حتى اكتمال مئوية اتحاد الدولة. هو ذا معنى التأسيس الثاني «الأولوية الرئيسية الكبرى ستبقى تقوية الاتحاد، من مؤسسات وتشريعات وصلاحيات وميزانيات».
الجملة التالية تعكس بُعد الجسد الواحد كأولوية رئيسية: «تطوير كافة مناطق الدولة، عمرانياً وتنموياً واقتصادياً»؛ لأن الجسد لا يتجزأ «إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمّى»، هذا في الضراء، أما في الكدح الحضاري، فإن الرسالة الوطنية تغدو: إذا ظهر فارق عمراني أو تنموي أو اقتصادي في عضو، تداعى له سائر الأعضاء بالبناء والتشييد. النموذج البيولوجي خير درس: لا وجود لخلل أو عطب موضعي في الجسم الواحد، ليس له تأثير سلبي في الكل. 
ما لا يتطور يعيق التطور، وما لا يواكب المسار يعرقل المسير. في الجسد الواحد، لا ينبغي أن تكون قدم أسرع من قدم. الوحدة الإيقاعية ضرورية في الألعاب، في الجيوش، في الفرق الموسيقية. من أشهر المصطلحات اليوم في المعلوماتية والشبكة العنكبوتية: المزامنة (سنكرونيزيشن)، الطريف أن الفيلسوف اليوناني أرسطو كان ذا دماغ كمبيوتري قبل عصر الحاسوب بأربعة وعشرين قرناً. عندما كان يتأمل السفن، لفت انتباهه أن سرعتها تزداد كلما ازدادت حركات المجاديف تزامناً في إيقاع حركاتها. عندما يكون التزامن مضطرباً تتراجع السرعة. بالضبط «في الاتحاد قوة»، ثم تتعزّز القوة: «تأبى العصيّ إذا اجتمعن تكسّراً.. وإذا افترقن تكسّرت آحاداَ».
المزامنة ليست حكمة، هي قبل كل شيء محاسبات رياضية دقيقة، أما أن ينبع منها استمداد الدروس والحكم والعبر فتلك مسألة أخرى. من الذرة إلى المجرة إلى الكون بأسره، كل شيء قائم على النظام. لا بد إذاً لأي نظام أن يطبق أعلى معايير المزامنة. إنها لا تعني أن يصبح الناس مثل علب المشروبات الغازية. تأمل المزامنة بين آلات الموسيقى المختلفة. 
العزف الموحّد على تردد (دوزان) واحد هو المهم، وإلا فالفارق بين العود والساكسوفون، والكمان والباصون، شاسع. إنها بالضبط تعددية الأصوات في الديمقراطية، حرية التعبير، تكافؤ الفرص وألف مثال.
لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: الفوارق العمرانية والتنموية والاقتصادية، هي خلل في الإيقاع العام. توحيد الإيقاع ستكون له الأولوية لتحقيق الانطلاقة العالمية.
[email protected]