الإمارات وحقوق الإنسان

00:28 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمد خليفة

منذ فجر التاريخ وعلاقة الإنسان بالدولة تمثل دليلًا على تقدمها أو تخلفها، فما من دولة تراعي حقوق مواطنيها، وتعمل على حمايتها واحترامها في إطار القانون والدستور الذي يشكل عقداً اجتماعياً بين الإنسان والدولة، إلا وكانت تلك الدولة في طليعة الدول المتقدمة. وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة في طليعة الدول التي تراعي حقوق الأفراد فيها، مواطنين وغير مواطنين.

وهي تنطلق في هذا التوجه من قيم أخلاقية، ومبادئ إنسانية عالية رسختها على مر الأيام والسنين تجارب إنسانية راقية توارثتها الأجيال جيلًا بعد جيل، وفق دعائم النبل والفضيلة الممزوجة بالحق وفق قيمها الإنسانية والحضارية التي توجب احترام حقوق الإنسان، أياً كان هذا الإنسان، وتدعو إلى ضرورة حفظ النفس والعقل والعرض والمال، وتعلي من قيمة الإنسان وتدعو إلى تكريمه واحترام معتقداته وموروثاته، وإدراك أحواله النفسية المختلفة وصلاتها بعضها لبعض، وذلك بالعمل بالقانون الأخلاقي والإنساني، بما يكفل كرامة الإنسان.

وقد أسهمت دولة الإمارات في إعلاء مبادئ حقوق الإنسان؛ حيث حررت بعض مواده من سيطرة الثقافة الواحدة، وحرصت على عمق القواسم المشتركة بين الأمم، ما أسهم في تواتر جهود عالمية قادت إلى توجه أممي في تكريس للقيم الإنسانية.

ومن هذا المنطلق أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، قانوناً اتحادياً بشأن إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، بهدف تعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته. وكان مجلس الوزراء قد اعتمد إنشاء هيئة وطنية لحقوق الإنسان، وفق مبادئ باريس، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1993. وذلك بهدف تعزيز مكانة البلاد في المحافل الدولية والإقليمية.

ومما لا شك فيه أن إنشاء هذه الهيئة لا يعني أن حقوق الإنسان لم تكن مصانة ومحفوظة في دولة الإمارات؛ بل يعني إنشاؤها تقعيد تلك الحقوق، وجعلها محط اهتمام مختلف السلطات؛ بحيث يصبح المواطن والمقيم على هذه الأرض الطيبة على دراية تامة بحقوقه، ويتمتع بكامل حرياته من دون أية معارضة أو ممانعة من أحد، وأيضاً فإن إنشاء هذه الهيئة يأتي في إطار مساعي الدولة للدخول إلى مرحلة التنمية المستدامة بعد أن حققت مرتبة الدولة الناشئة.

ولا شك أن عالم اليوم يتجه نحو الاصطفاء، أي بمعنى أن الدول الضعيفة لن تقوى على البقاء والاستمرار بسبب شدة المنافسة، وانتشار التقنيات الرقمية على نطاق واسع، والتحول الكبير في المجتمعات العالمية نحو الليبرالية أو الحرية الشخصية، بسبب انتشار التعليم في مختلف الدول.

وقد عملت القيادة الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة على تعزيز الاستقرار من خلال التوزيع العادل للثروة القومية، وكذلك تكريس سلطة القضاء، وتعزيز استقلاليته، وتشديد الرقابة على المحاكم لضمان وصول كل ذي حق لحقه من دون أي تفريق، وتم تعزيز الحريات الدينية، والسماح للأقليات الدينية بممارسة شعائرها، وإقامة معابدها وكنائسها، بكل حرية ومن دون أية معارضة، طالما أن الهدف هو تحقيق حرية الإنسان في حياته. وكان الاقتصاد هدفاً أساسياً للقيادة الرشيدة لأنه عماد المجتمع؛ حيث تم تخفيف القيود الجمركية، وتسهيل إقامة الشركات على أرض الدولة لكل من يريد من مختلف دول العالم، وتم الاتجاه نحو اقتصاد المعرفة بوصفه اقتصاد العصر الراهن؛ حيث أضحت حزم المعلومات مصدراً كبيراً للثراء في العالم.

وقد أحدثت تلك الخطط تحولات عميقة دفعت قدماً نحو تحقيق الازدهار والرخاء، فدولة الإمارات اليوم من أكثر دول العالم أمناً واستقراراً، على الرغم من أنها تقع في منطقة تتصف بعدم الاستقرار، لكن تحقيق النماء الاقتصادي الحقيقي المبني على أسس قوية راسخة أدى إلى ترسيخ الاستقرار؛ حيث تعيش الجنسيات المختلفة على أرض الدولة في تناغم شديد، ويحصل كل إنسان على حقوقه كاملة غير منقوصة، ويعمل ما يحلو له في إطار القوانين المرعية الإجراء. من دون أية مضايقة أو معارضة من أحد. وهكذا تكون الدولة أباً وأماً لجميع المتواجدين على أرضها.

هكذا ارتقت الإمارات وحلقت في آفاق من الريادة والسمو، لتخلق جواً من الحرية والتعايش يرتقي فيه الإنسان، وينطلق نحو العمل لنصرة الخير، وتحقيق الحق وترقية الحياة بقيادة رشيدة بانية وعادلة في كل نواحي الحياة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"