عادي

«الفن».. دواء للتخلص من منغصات الحياة

23:30 مساء
قراءة دقيقتين
2402

هل هناك خلاص بالفن؟ وهل هذا الخلاص نهائي أم أنه نسبي مؤقت أو عابر؟ هذا هو السؤال الذي يصل إليه د. حسن حماد في خاتمة كتابه «النقد الفني وعلم الجمال دراسة نظرية وتطبيقية» والإجابة أنه لا يوجد خلاص نهائي، ولم تعرف البشرية خلال رحلتها التاريخية الطويلة خلاصاً نهائياً، لأن هذا النوع من الخلاص إذا تحقق فإنه يعني العودة ثانية إلى الفردوس، ونهاية التاريخ، ونهاية الأمل أيضاً.

من جانب آخر فإن الخلاص يتحقق إذا استطاع الإنسان قهر الموت وتجاوزه، وهذا الأمل لم يتحقق على الأرض حتى هذه اللحظة، لأن الحياة تخضع لمقولات ومبادئ التغير والتحول والفناء، مقولات ترتبط بحركة الزمن الذي لم يستطع الإنسان الإفلات منه، وعلى الرغم من أن الإبداع الإنساني هو محاولة لقهر الموت، فإن الفن كما يقول أندريه مالرو غير قادر على إسكات السؤال الذي يطرحه الموت.

من هنا – كما يرى د. حماد – فإن أي حديث عن الخلاص بالفن محاصر منذ البداية بكل خطايا النزعة النسبية، ويصعب التعامل معه خارج هذا الإطار، وحتى الفلاسفة الذين جعلوا من الفن طريقاً للخلاص، من أمثال شوبنهاور ونيتشة وسارتر وماركيوز وإرنست بلوخ وغيرهم، يصلون إلى النتيجة نفسها، فها هو شوبنهاور يصل إلى أن الفن هو الفاعلية المعبرة عن البعد العابر في السعادة الإنسانية.

الفن هو أحد المسكنات أو واحد من الأدوية العديدة التي يخترعها الإنسان للتغلب على منغصات الحياة، وهو بهذا المعنى يقدم خلاصاً دنيوياً يحيا في دائرة الإمكان، ويصب في التيار العظيم للطموح الإنساني نحو تحقيق المجتمع الأفضل، والواقع أنه لا يوجد طريق واحد للخلاص بالفن، فقد يتحقق هذا الخلاص بالتطهير (أرسطو) أو الكرنفالية (باختين) أو بالعالم البديل (بلوخ، ماركيوز، مالرو) أو بالنضال الثوري (بريخت والتيار الماركسي) والمسرح يمكن أن يؤدي تلك الأدوار مجتمعة.

يركز الكتاب على الجانب الشعائري أو الطقوسي في التراجيديا الكلاسيكية بشقيها اليوناني والحديث، لكن هذا التحديد لا يعني أن المسرح المعاصر يخلو من هذا البعد، فالبعد الطقوسي مكون للتجربة الفنية من حيث هي كذلك، ويستهدف الكتاب الانتصار لهذا البعد الطقوسي في الفن، ومن دونه يصعب الحديث عن خلاص بالفن، فالإنسان المعاصر منذ أن فقد روح الطقس في الفن، وفي الحياة، صار محروماً من السعادة، يحيا بلا اكتراث وصارت حياته روتينية، ولم يعد هناك ما يدهشه أو يبهره.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"