مصابيح السماء

00:33 صباحا
قراءة دقيقتين

أثناء فترة الحرب العالمية الثانية، تلقّى أحد المجنّدين أمراً يفيد بضرورة انتقاله إلى معسكر تدريب تابع لجيشه، فتوجه إلى هناك مسرعاً صحبة زوجته التي كانت مضطرة إلى مرافقته.
ووصل الزوجان إلى المكان الجديد، لكن الزوجة كرهت الأجواء منذ اللحظة الأولى، وما زاد كراهيتها هو خروج زوجها إلى معسكر التدريب كل يوم وبقاؤها وحيدة، إلى جانب حرارة الجو التي لم تعتدْ عليها من قبل، فضلاً عن عدم وجود أحد تكلّمه أو تتحدث إليه.
استمر الوضع على هذا الحال مدة من الزمن، إلى أن باتت الزوجة غير قادرة على احتمال هذه المعيشة، فبعثت برسالة إلى أبيها أخبرته عبرها بأنها قررت ترك زوجها والعودة إلى الأسرة التي تربت في أحضانها، فرد الوالد على رسالتها بسطرين لا ثالث لهما قائلاً: «من خلف قضبان السجن نظر إلى الأفق البعيد اثنان من المساجين، وجّه أحدهما بصره إلى وحل الطريق، بينما تطلّع الآخر صوب نجوم السماء».
قرأت الزوجة رد والدها باهتمام بالغ، فشعرت بالخجل من نفسها وبتأنيب الضمير؛ لأنها لم تصبر وتقدِّر ظروف زوجها، وكانت على وشك مغادرته بدلاً من مساندته، فشرعت تتطلع إلى مصابيح السماء المتلألئة، وفاض قلبها بمشاعر الغبطة والأمل، وأخذت تصادق أهل القرية الذين بادلوها الحب والعطاء، فلم تكد تصرّح بإعجابها بشيء رأته في البلدة إلا وتجده حاضراً عند باب بيتها هدية من قاطني البلدة الطيبين.
في وقت لاحق أخبرت الزوجة معارفها بتجربتها الفريدة تلك قائلة: «إن صحراء تلك القرية الجافة والقاسية لم تتغير على الإطلاق، لكنني أنا من تغيرت فتغيرت أفكاري وتبعتها مشاعري، وبذلك تمكنت من تحويل تجربة مؤلمة إلى مغامرة مثيرة ورائعة».
الحياة ملأى بالتحديات والمواقف غير السارة، لكن تفسيرنا لتلك الأحداث يمكن أن يقلب الطاولة، ويعيد قولبة الواقع. لهذا السبب، ترى شخصين يعيشان نفس الظروف تقريباً، إلا أن كل واحد منهما ينظر إلى الحياة نظرة مختلفة.
هناك دائماً خير وشر، سعادة وألم، نجاح وإخفاق.. لكن بيدك القرار كله. باستطاعتك أن تركز على الجوانب السلبية وتحيل حياتك إلى جحيم، أو تنفض غبار السوداوية عن عقلك وتتطلع إلى الجوانب المشرقة من الوجود، لتحيا واقعاً ثرياً على كافة الصعد.
كل ما عليك فعله لتغيير حياتك، هو أن تعمل على تغيير توجهك الذهني وتفكر بطريقة إيجابية، لتستخرج الجمال من قلب القبح، والنجاح من صميم الفشل، والسعادة من أعماق الحزن. فحرر ذاتك واطلق العنان لقوة عقلك غير المحدودة، وستعيش حياة استثنائية!

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"