منارات خمسين عاماً

00:31 صباحا
قراءة دقيقتين

لماذا جاءت توجيهات السياسة الخارجية في صميم خمسة مبادئ من وثيقة «مبادئ الخمسين؟»، لقد توزعت بإرادة جليّة على المبادئ: الثالث، الخامس، الثامن، التاسع والعاشر. هل يمكن أن يكون الأمر عفوياً لا إرادياً؟ للوهلة الأولى يلوح الأمر وكأنه قسمة بالقسطاس بين السياستين الداخلية والخارجية، خمسة خمسة.
التعادلية أطرف، فنصيب الداخل أوفر؛ إذ هو حاضر في بعض الخارج، بينما نصيب الخارج أوفر إذ هو غير خاف في بعض الداخل. التكامل عضوي بينهما، فالإنسان كائن اجتماعي داخلاً وخارجاً. الإدارة في المجالين مرآة للسؤالين اللذين يلخّصان الفلسفة: من أنا، وما هو محيطي؟ الدول والأمم كذلك. لقد حدّدت الوثيقة للميدانين محوراً هو الوسيلة والغاية، عبّرت عنه بكلمة «محرّك». في المبدأ الرابع: «المحرّك الرئيسي المستقبلي للنمو هو رأس المال البشري.. هو الرهان للحفاظ على تفوّق دولة الإمارات». وفي المبدأ العاشر: «الدعوة للسلم والسلام... لترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي، تعتبر محرّكاً أساسياً للسياسة الخارجية».
في المبدأ الثالث تجسيد دقيق لتناغم الداخلي والخارجي إلى حد التماهي: «السياسة الخارجية لدولة الإمارات هي أداة لخدمة الأهداف الوطنية العليا، وعلى رأسها المصالح الاقتصادية لدولة الإمارات». ذلك لتوجيه الجهات المعنية بالتنفيذ، ببوصلة دقيقة. لتعزيز المقصود تأتي النظرية للتأكيد بالنظريّة البنيويّة: «هدف السياسة هو خدمة الاقتصاد»، السياسة العليا تنموية. لكن خدمة الاقتصاد لها غاية أسمى: «وهدف الاقتصاد هو توفير أفضل حياة لشعب الاتحاد». ماذا لو جرّبنا تكثيف هذا المبدأ في نظرية من الجملتين الأولى والأخيرة؟: «السياسة الخارجية لدولة الإمارات، هي أداة لخدمة الاقتصاد، الذي يهدف إلى توفير أفضل حياة لشعب الاتحاد».
هل يستطيع بلد أن يزدهر ويحيا في رخاء إذا كان محيطه مضطرباً؟ المبدأ الخامس يبدأ بفكرة هي حكمة وفكر سياسي: «حسن الجوار أساس للاستقرار». ثم يشرح أن القضية ليست مجرد موعظة، بل استراتيجية حيوية: «المحيط الجغرافي والشعبي والثقافي الذي تعيش فيه الدولة، يعتبر خط الدفاع الأول عن أمنها وسلامتها ومستقبل التنمية فيها». هذه بشرى لخمسين عاماً، فهنيئاً للمنطقة التي توعد بهذا الخلق الكريم السياسي: «تطوير علاقات سياسية واقتصادية وشعبية مستقرة وإيجابية، يعتبر أحد أهم أولويات السياسة الخارجية للدولة».
لزوم ما يلزم: النتيجة الدعابية: المحيط المضطرب عدو التنمية. دعابة الاقتصاديين حكمة، يشبّهون الاستثمار بالغزال، الذي يرعى هانئاً، فإذا سقطت ورقة من شجرة طار هارباً.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"