عادي
عالم متجدد

بيع لاعب الكرة وشراؤه

01:27 صباحا
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

قال لي أحدهم: إن الأندية اليوم تتنافس على شراء اللاعبين، وبعض هؤلاء اللاعبين من خارج الدولة، وبعضهم من داخل الدولة، هل يجوز مثل هذا البيع أو مثل هذا الشراء، علماً بأن التجارة في البشر محرمة شرعاً وقانوناً؟

قلت له: جئتني أنت اليوم مفتياً أم مستفتياً؟ قال: مستفتياً.

قلت له: إذن لا تستخدم مصطلح التجارة في البشر، عندما تتحدث عن لاعبي الكرة، لأن اللاعب هنا وإن كان يشترى في الظاهر، إلا أن الحقيقة غير ذلك.

نعم، هذا النوع من البيوع طارئ، لأن الكرة نفسها طارئة، لكن الحقيقة أن العقد الذي يبرم بين نادٍ ونادٍ آخر، أو بين دولة ودولة أخرى، وبموجبه يتم تبادل هذه الصفقة، وهي بيع لاعب، ليس لبيع لاعب بعينه كإنسان، ولكن بيع حق التعاقد مع هذا اللاعب، ومثل هذا التعاقد أجازه الشرع، لأن الأصل في المعاملات الجواز ما لم يرد دليل على حرمتها.

وفي هذا الباب نقل عن بعض العلماء قوله: إن احتراف الإنسان لعبة كرة القدم بضوابط، مباح في الشرع، لأنه يتبع المصلحة العامة للشعب والوطن، فإذا كان أهل الرأي والخبرة والحكمة يرون أن هذا التفريغ لازم للنهوض باللعبة والرقي بمستواها، وأن ترقى اللعبة في البلد إلى مستوى المنافس مع الدول الأخرى، فلا مانع حينئذ من الاحتراف.

وبناء على ذلك، فإن الدكتور رجب أبو مليح يقول في فتواه: لا بأس في بيع حق التعاقد أو شرائه مع اللاعب الرياضي، وقد جرى العرف الآن على أن الاحتراف الرياضي مهنة من المهن، ويستحق المحترف الأجرة عليها كغيرها من المهن الأخرى.

ومع ذلك، فإن بعض العلماء يرى تبديل مصطلح بيع اللاعب أو شرائه، إلى مصطلح آخر أليق بكرامة الإنسان، فلا يقال: باع نفسه لنادي كذا أو اشتراه نادي كذا.

وقد شبّه الدكتور عبدالصبور شاهين، من علماء مصر، بيع لاعبي كرة القدم وشراءهم بشراء العبيد، فإذا كان العبد جيداً وماهراً، أنفقوا الكثير من المال على شرائه.

أما إذا كان العبد أو اللاعب أقل جودة فينفق عليه القليل من المال، ومن هذا يتضح أن بيع اللاعب وشراءه يخضعان لحالة السوق، والعرض والطلب فيه مثل تجارة العبيد.

وفي المقابل نرى أن علماء السعودية لا يرون جواز إطلاق البيع والشراء على هذا النوع من الصفقات، ويرى الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، مفتي المملكة العربية السعودية، بأن الإنفاق على لاعب في الأندية والمبالغة في المبلغ، يعد إنفاقاً غير مبرر شرعاً، إذ لم يرد به وجه الله تعالى، وفيه تبذير وإسراف.

وإنني في الواقع أحترم العلماء جميعاً، وأؤيد رأي الدكتور أحمد عمر هاشم الذي يقول: هناك أولويات وضرورات في المجتمعات الإسلامية، يجب توجيه الملايين إليها، فهناك آلاف المسلمين لا يجدون المأوى وينامون على الأرصفة.

إذاً يمكن القول إن هذا الإنفاق لو وجّه إلى من هو أحق بالإنفاق عليه لكان أولى، وإذا افترضنا أن مصلحة الشعب والوطن تقتضي الإنفاق على لاعب الكرة، فينبغي حينئذ عدم المبالغة فيه، وتبديل مسمى البيع والشراء إلى مسمى بيع حق التعاقد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"