لا تنهروا «سائلاً»

00:47 صباحا
قراءة دقيقتين

قدمت مدارس «خيرية وخاصة» في الآونة الأخيرة، مبادرات إنسانية مشهودة لمساعدة الطلبة من غير القادرين، وتمكين الأسر المتعففة من تعليم أبنائها؛ إذ تنوعت مظاهر الخير، لتضم إدارات أسست صندوقاً خيرياً داخلياً، لإغاثة السائلين من المتعلمين، وتنازلت أخرى عن متأخرات الرسوم، وخفضت ثالثة رسوم الدراسة للنصف، في خطوة جادة لترسيخ مفاهيم العمل الخيري في المجتمع المدرسي.
نحمد الله أن لدينا مدارس خيرية تؤدي دورها على الوجه الأكمل، «تربوياً وتعليمياً وإنسانياً»؛ إذ تعمل إداراتها بجدية ومسؤولية ومروءة وأمانة، وتراعي مشاعر «السائلين»، ولم تقبل يوماً إهانة طالب من غير القادرين.. تؤمن بدورها المجتمعي والإنساني، فذهبت تبدع في أداء الواجب ، من دون أن يشعر بها أحد.
ولكن في ظل مفاهيم هذه الرسالة السامية، نسأل هل يجوز لمدير مدرسة أو نائبه أو موظف في مدرسته، أن ينهر السائلين من أولياء الأمور والطلبة، لمجرد أنهم تقدموا بطلب مساعدة لصندوق تم تأسيسه خصيصاً من أجل تقديم إغاثتهم؟ من المؤكد أن الإجابة لا (ناهية)، تصديقاً لقول الحق سبحانه وتعالي: «وأما السائل فلا تنهر».
استوقفتني حالات كثيرة لأولياء أمور، نهرتهم إدارات مدارس أبنائهم عندما طلبوا المساعدة، فهذه ولية أمر تحدث إليها نائب مدير إحدى المدارس الخيرية بتعالٍ وكبرياء، ولم يحترم ظروفها التي دفعتها لطلب المساعدة، وقال لها نصاً: «الدفع مقابل تعليم أبنائك، وبدون السداد، خلِّ أبناءك في البيت»، وفي حالة أخرى طرد مدير مدرسة «أمّاً سائلة»؛ إذ تم توقيف زوجها بعد فقدانه وظيفته بسبب جائحة «كورونا»، وهذا ولي أمر طرده المدير ذاته قائلاً: «ليس لدينا مساعدات لأحد».
وهنا يجول في الخاطر العديد من التساؤلات، هل وجود هذه الصناديق حقيقي؟، وهل تساعد فعلياً الطلبة غير القادرين والمتعففين أم أنها مقتصرة على أهالي وأقارب العاملين في المدرسة وأصحاب الواسطة والمحسوبية؟ والأهم هل هناك رقابة على المعايير التي تُقبل أو تُرفض من خلالها الطلبات وكيفية التأكد من المستحقين؟ ومن يحاسب القائمين على إدارة تلك الصناديق؟
أيّاً كان الجواب عن تلك الأسئلة، فنحن نتفق مع الآراء التي تؤيد عدم أحقية مدير مدرسة (خيرية أو خاصة) أو نائبه أو مسؤول لديه في أن ينهر السائلين من أولياء الأمور أو يسيء معاملتهم، وليعلموا أنهم فقط جنود لخدمة الناس وقضاء حوائجهم، ووظيفتهم لا تمنحهم حق التعالي أو التجاوز وطرد السائلين.
الإمارات مدرسة في العمل الخيري؛ إذ بلغت مساعداتها القاصي والداني، فعلى هذه النماذج أن تلتحق بتلك المدرسة؛ لتتعلم كيف «لا يُنهر السائل»، ولتكن مؤهلاتهم الأساسية لوظائفهم، الرحمة وحسن المعاملة والاحترام، رأفة بالأسر والطلبة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"