الملكية المشتركة

00:39 صباحا
قراءة دقيقتين

نعيش نحن البشر في رحاب كون فسيح يسير وفق سنن منضبطة وقوانين علمية ثابتة، إلا أنه في الوقت ذاته يخضع إلى تغير مستمر، فكل شيء حولنا يتبدل من حين إلى آخر، بل ومن لحظة إلى أخرى حتى نحن.. توازن عجيب وتناسق بديع يضمن الثبات والاستقرار، إلى جانب حقيقة أن كل الموجودات يطرأ عليها التغيير المنتظم.
ويشهد على هذا التغيير، تاريخ البشرية الحافل بالتطورات التدريجية، ابتداء من عصر الزراعة البدائي، وصولاً إلى وقتنا الحاضر حيث باتت التكنولوجيا المتقدمة جزءاً من حياتنا اليومية، وغدت الحضارة الإنسانية أكثر تطوراً.
في الماضي السحيق، كانت حياة الإنسان والحضارات عموماً تتطور شيئاً فشيئاً بخطوات حثيثة تبدو بطيئة نسبياً لمن يتتبع التاريخ، حتى وصلنا إلى زمن الحضارة المدنية والتطور العلمي المهول مع بدايات الحادي والعشرين، فأخذ العالم يتغير بوتيرة سريعة، لنحقق قفزات نوعية في وقت قياسي مقارنة بالعقود الغابرة.
أصبحت حياتنا الآن تتغير بشكل لحظي، فكل يوم يحدث تغيير مهم، بل كل ساعة تحمل في جعبتها الكثير من الأحداث، وتعلن بداية عصر جديد تختفي خلاله مفاهيم قديمة تحل محلها مفاهيم جديدة، مثل مرحلة الملكية الفردية التي سادت عقوداً طويلة، غير أنها ستندثر عل الأرجح باقتراب عام 2030م أو قبل ذلك، لتحل محلها الملكية المشتركة.
بينما لا نزال اليوم نتمتع بملكية فردية خاصة لأشياء مثل السيارة والمنزل، وتعمل موظفاً أو إدارياً في شركة لها مقر في مكان ما، فإنه من المرجح أنك قريباً جداً ستشهد عصر ملكية مشتركة تُبتكر فيه وسائل نقل جديدة متعددة.
وقد يصل الأمر إلى استحداث مساكن تتيح لك التنقل فيما بينها بحرية وأريحية كبيرة، لتقضي على سبيل المثال ليلة أو اثنتين في مكان تحبه، ثم تنتقل إلى سكن آخر، وهكذا دواليك، فلا تكون مضطراً إلى المكوث في مسكن معين بشكل دائم، بل تصبح كما مسافر جوّال يتنقل من مكان إلى آخر بلا توقف، بعد أن بات كل شيء ملكية مشتركة.
ومع اختفاء الملكية الفريدة التدريجي المتسارع، سيحل عصر جديد - عما قريب - يغدو فيه العالم قرية صغيرة لا من حيث التقدم التكنولوجي فحسب بل من حيث الحياة نفسها، حيث سنعيش واقعاً حقيقياً تختفي في ربوعه الحدود التي نشبت بسببها الحروب والصراعات الأزلية، ويصبح التنقل من وإلى أي مكان في العالم أمراً في غاية البساطة والسرعة، بوجود وسائل نقل حديثة جداً ومتنوعة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"