عادي
اضطراب النظام اللوجستي العالمي

«صُنع في الصين».. علامة رائدة تتلاطمها أمواج عاتية

22:58 مساء
قراءة 4 دقائق
شاحنات وسفينة نقل في ميناء يانتاي (أ.ب)

إعداد: هشام مدخنة
لطالما منحت تكاليف التصنيع «الرخيصة» للشركات الصينية في الداخل ميزة مهمة لها في الأسواق الخارجية، وفضّلتها على العديد من الشركات العالمية الأخرى. لكن الأمور تغيّرت بعض الشيء، وتسبب الوباء والتوترات التجارية الحاصلة في تعطيل قنوات الإمداد الدولية.

وأعلنت شركة تصنيع الأجهزة المنزلية الصينية «هايسنس» Hisense، أنه لم يعد ممكناً شحن نفس الكميات السابقة من السلع إلى الخارج، لأن كلفة حاويات الشحن قفزت خمسة أضعاف من نحو 3000 دولار إلى نحو 15000 دولار لكل حاوية، مع زيادة مدة الوصول إلى أوروبا لأسبوع كامل.

قد حدثت اضطرابات لوجستية أثرت بشكل مباشر في عجلة التجارة العالمية وأدائها خلال الفترة الماضية، مثل الإغلاق المؤقت لقناة السويس في مارس/ آذار نتيجة جنوح إحدى حاويات الشحن العملاقة، وعودة ظهور حالات «كوفيد19» في أحد أهم موانئ التصدير الصينية الرئيسية في قوانجتشو في يونيو/ حزيران.

وقال ألكسندر كلوزه، نائب الرئيس التنفيذي للعمليات الخارجية في شركة السيارات الكهربائية الصينية الناشئة «آيويز»: «لن أطلق تسمية على الذي يحدث في أوروبا، وفي جميع أنحاء العالم بالفوضى. ولكن هناك اضطرابات في النظام اللوجستي العالمي أثرت في جدولة عمليات الشحن، وأخرت كثيراً منها لأنه لم تكن هناك سفن أو حاويات متاحة. لقد تضررنا بالتأكيد، فبعض الشحنات من السيارات الكهربائية المصدّرة إلى أوروبا بقيت على رصيف الميناء لشهرين أو ثلاثة أشهر من دون أن يتم نقلها».

الطلب الأجنبي

ومع ذلك، ظل الطلب الأجنبي على المنتجات الصينية قوياً، وتجلى ذلك من خلال البيانات الرسمية؛ حيث قالت إدارة الجمارك إنه في النصف الأول من العام الجاري، ارتفعت الصادرات الصينية إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 35.9% عن العام الماضي إلى 233 مليار دولار، بينما ارتفعت الصادرات إلى الولايات المتحدة بنسبة 42.6% إلى 253 مليار دولار.

بقيت «هايسنس» حريصة على التوسع في الخارج، وحققت الشركة 7.93 مليار دولار في الأسواق الدولية خلال الوباء العام الماضي. وتهدف، بحلول عام 2025، إلى مضاعفة مساهمتها خارجياً بنحو ثلاثة أضعاف لتصل إجمالي الإيرادات إلى 23.5 مليار دولار. لكن لا تزال تمثل التأخيرات اللوجستية التي تطال قطاع الشحن أحدث تحدٍّ يواجه الشركات الصينية في سعيها للوصول إلى الأسواق الدولية.

من جانبه قال جيمس روت، من شركة الاستشارات الإدارية Bain، إنه من بين نحو 3400 شركة صينية تعمل على المستوى الدولي، حققت 200 شركة فقط أكثر من مليار دولار من المبيعات في الخارج.

واعتبر روت أن علامات تجارية رائدة مثل لينوفو، وهايرز، وهواوي هي الاستثناء بدلاً من أن تكون القاعدة التي تفتح الطريق أمام الكثير من الشركات الصينية متعددة الجنسيات لتحذو حذوها في الخارج، وتكتشف فرص النمو وكيفية إدارة نماذج تصديرٍ أكثر لأعمالها الدولية».

يُذكر أن الصين هي ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ويتوقع العديد من الاقتصاديين أنها ستتفوق على الولايات المتحدة لتصبح الأكبر خلال السنوات القادمة.

قيود أمازون والضرائب

واجهت بعض الشركات الصينية الأخرى التي تبيع منتجاتها إلى الخارج تحديات جديدة من حملة مراجعات نظمتها أمازون، وقيدت بموجبها التعامل مع العديد من المصدّرين الصينيين. وقال لي شينغجان، مدير إدارة التجارة الخارجية الصيني: «نتفهم أن تصرفات بعض البائعين اعتُبرت مخالفة لقواعد سلوك البائع في أمازون وشروط أخرى، مما تسبب في قيود إضافية على العمليات التجارية». وأضاف: «نطلب دوماً من الشركات الالتزام بقوانين وأنظمة كل دولة، واحترام العادات والتقاليد المحلية، وتطوير العمليات وفقاً للقانون».

وقد يتكبّد التجار الصينيون تكاليف إضافية أيضاً جرّاء تطبيق الاتحاد الأوروبي لسياسة ضريبية جديدة تطال السلع المستوردة إلى الكتلة.

وأشارت صحيفة الشعب اليومية الرسمية في تقرير نشرته الشهر الماضي إلى مخاطر هجرة الشركات الصينية، وأن التحديات السياسية، والاقتصادية، واللوجستية، وقوانين الامتثال التي تواجهها تلك الشركات في الخارج زادت بشكل كبير.

علي بابا والشحن الجوي

وبالنسبة إلى شركة «علي بابا»، اللاعب الرئيسي في سوق التجارة الإلكترونية المحلي في الصين، تضمنت استراتيجيتها لطرح منتجاتها إلى الخارج الاستثمار في وحدتها اللوجستية (Cainiao)، والتي حافظت، من خلال شراكاتها مع وكلاء الشحن الجوي الدوليين، على إمدادات ثابتة إلى الدول الأوروبية؛ وذلك بحسب مدير عام «علي بابا» في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا ويليام وانج.

ونتيجة لذلك، تمكن البائعون على منصة «علي إكسبريس» AliExpress، من توصيل منتجاتهم إلى العملاء من دون أي تكاليف إضافية أو تأخير. ومع ذلك، فإن الشحن الجوي عادة ما يكلف أكثر بكثير من الشحن البحري، مما يجعله عديم الفائدة لقطاع السيارات أو الأجهزة المنزلية الكبيرة.

المزيد من المستودعات والاستحواذ

كنتيجة ضمنية للتحديات اللوجستية، ستحاول الشركات الصينية توطين المزيد من أعمالها في الأسواق الدولية. وتعمل شركات التجارة الإلكترونية على بناء أو استئجار مساحة مستودعات جديدة تكون قريبة من عملائها في أوروبا؛ بحيث يمكن للبائعين شحن المنتجات مسبقاً وتخزينها هناك وتوصيلها إلى العملاء.

«هايسنس» نحو مزيد من الاستحواذات

تخطط «هايسنس»، تخطط الشركة لعمليات استحواذ جديدة، وبناء المزيد من المصانع لها في بلدان مختلفة، لأن التعريفات المفروضة تجعل بيع المنتجات المصنوعة في الصين أكثر كلفة في بعض الأسواق، مثل الولايات المتحدة.

تخطط شركة «هايسنس» لعمليات استحواذ جديدة، وبناء المزيد من المصانع لها في بلدان مختلفة، لأن التعريفات المفروضة تجعل بيع المنتجات المصنوعة في الصين أكثر كلفة في بعض الأسواق، مثل الولايات المتحدة وأوروبا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"