بين الصمت والكلام

00:51 صباحا
قراءة دقيقتين

ظهر، مؤخراً، الكثير من مستخدمي مواقع التواصل الذين يحاولون إجادة استخدام هذه الوسائل بشكل مفيد وجذاب في مواجهة «الغث» الذي يدلف إليها من هواة أو مراهقين بلا أي سند أو دليل للمعلومة المطروحة، ولا حتى أبسط أنواع التحري لهذا «الشيء» الذي ينوون بثه، وإشغال العالم به.
ظهور هذه الفئة في وسائل التواصل يُبشر بالإيجابية، خاصة أن بعضهم يعتمدون على طريقة جيدة في البحث والدقة واستخدام المصادر، وإن كان الكثير من هؤلاء يقصدون من خلال «البوستات» التي ينشرونها الوصول إلى أرقام معينة من المتابعين، وبالتالي قطف ثمار مردود هذه الوسائل، خاصة أن بعضها بدأ يدفع فعلاً للذين لديهم أكبر عدد من المتابعين أو للذين يحصدون أعلى «حركات إعجاب».
وفي الحديث عن هؤلاء، فإن الساحة لا تكفي لرصد الإيجابيين في مواقع التواصل من غيرهم، لكن اللافت أن أكثر الحسابات التي لها متابعون وتحصد أعلى شهرة، هي تلك التي لا تقدم أي شيء غير الرقص والغناء والحركات البسيطة التي لا تغني ولا تسمن من جوع، وكل هدفها تمضية الوقت في بث الفيديوهات، ومن ثم التسلية بمتابعة ردود «المعلقين المراهقين» الذين ينشغلون بالرقص أكثر من أي مادة دسمة قد تعترضهم وسط سيل المنشورات.
 العالم بأسره وسط سيل المواقع وتحديثاتها، قد ينشغل اليوم بقضية أو حادث أو جريمة معينة، يتابعها الناس في كل أرجاء الأرض، ثم يتحولون في صبيحة اليوم التالي إلى شعراء ومرهفي حس يتابعون قضايا إنسانية.
سطوة وسائل التواصل، أصبحت تفرض نفسها بشكل خطر جداً، وهي تصنع نجوماً عالميين في أية لحظة، وليس آخرهم الشاب الإيطالي «خابي لام» من أصول سينغالية، والذي تحول في غضون أشهر قليلة إلى مليونير، بعد أن أصبح حسابه على موقع «تيك توك» متابعاً من قبل عشرات الملايين، وبدأت الشركة تدفع له مقابل هذه المتابعات حسب سياستها.
«خابي لام».. بكل بساطة مدون كوميدي ساخر يقدم بطريقته الخاصة من خلال الفيديوهات التي ينشرها عبر حسابه حلولاً سهلة لبعض المواقف التي يُعقدها الناس دون أن ينطق بكلمة واحدة، معتمداً على ملامح وجهه المعبرة التي أصبحت مفتاح نجاحه.
وفي مقابل «خابي لام»، هناك ملايين البشر على مواقع التواصل الذين «يطبلون رؤوسنا» ليل نهار ببث مباشر أو مسجل، ولا يحظون بأدنى مستويات المتابعة أو الاهتمام، بينما تحول هذا الفتى الصامت إلى علامة فارقة في وسائل التواصل، وحتى رسائل «الواتس آب» دون أن ينطق بكلمة، وقد تفقده رونقه إذا تكلم.
بالمحصلة، مواقع التواصل أصبحت تنذر بخطر أكبر على الأجيال، ولم يعد بالاستطاعة كبح جماحها، بيد أن الممكن حتى الآن توظيفها للإفادة والاستفادة، لأنه لن ينفع الندم لاحقاً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"