عادي
اتهمت بريطانيا ب«الانتهازية» و«القيام بدور العجلة الثالثة»

باريس تجدد التنديد بـ«الكذب» على خلفية أزمة الغواصات

01:26 صباحا
قراءة 5 دقائق
وزيرا الدفاع الأسترالي بيتر دوتون والخارجية ماريسا بايني ونظيرهما الأمريكيان ولويد اوستن أنتوني بلينكن في مؤتمر صحفي في واشنطن (رويترز)
رئيس الوزراء الأسترالي موريسون(رويترز)

يجري الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الأمريكي جو بايدن «مكالمة هاتفية» في الأيام المقبلة على وقع أزمة الغواصات التي ألغت أستراليا صفقة لتصنيعها في فرنسا في صفقة بعشرات مليارات الدولارات والاستعاضة عنها بأخرى أمريكية تعمل بالدفع النووي، وجددت باريس اتهام أستراليا والولايات المتحدة ب«الكذب» وبريطانيا بالانتهازية، ودافعت كانبيرا عن طريقة تعاملها مع صفقة الغواصات مع فرنسا، بينما أكدت وزيرة الخارجية البريطانية أن المملكة المتحدة ستتشدد في الدفاع عن مصالحها.

اتصال هاتفي مرتقب

أعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية غابرييل أتال، أمس الأحد، أن الرئيس الأمريكي بايدن طلب التحدث إلى نظيره الفرنسي ماكرون بعد إلغاء أستراليا لصفقة غواصات مع فرنسا لمصلحة الولايات المتحدة، لافتاً إلى أن «مكالمة هاتفية ستجري (بينهما) في الأيام المقبلة». وقال المتحدث لقناة «بي ام اف تي في»: إن ماكرون «سيطلب توضيحاً»، مضيفاً: «نريد تفسيرات حول ما يبدو تقويضاً كبيراً للثقة»؛ وذلك بعدما استدعت فرنسا، الجمعة، سفيريها في الولايات المتحدة وأستراليا رداً على قرار كانبيرا.

اتهام بالكذب

اتّهمت فرنسا أستراليا والولايات المتحدة بالكذب على خلفيّة إلغاء كانبيرا عقداً ضخماً مع باريس لتسلّم غوّاصات منها، معتبرة أنّ ما حصل يمثّل «أزمة خطرة» بين الحلفاء.

ويُحبط هذا الخلاف الآمال في إمكان النهوض بالعلاقات بين باريس وواشنطن في عهد الرئيس الأمريكي جو بايدن، في وقتٍ ينصبّ الاهتمام الفرنسي على تعزيز الاستراتيجيّة الأمنيّة للاتّحاد الأوروبي والتفكير في تحديد المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف شمال الأطلسي.

وفي حديثه له عبر قناة «فرانس 2»، لم يُبدِ وزير الخارجيّة الفرنسي جان إيف لودريان أيّ مؤشّر إلى اتّجاه فرنسي نحو تهدئة للأزمة، مستخدماً لغة غير دبلوماسيّة واضحة تجاه أستراليا والولايات المتحدة وكذلك بريطانيا.

وبرّر لودريان استدعاء سفيري فرنسا في كانبيرا وواشنطن، ب«وجود أزمة خطرة بيننا».

وقال: إنّ هذا الإجراء غير المسبوق في تاريخ العلاقات بين باريس وواشنطن «هو رمزي جدّاً. لقد حصل كذب، حصلت ازدواجيّة، حصل تقويض كبير للثقة، حصل ازدراء؛ لذا فإنّ الأمور بيننا ليست على ما يرام».

وأضاف الوزير الفرنسي: «استدعينا سفيرَينا لمحاولة الفهم ولنظهر لبلداننا الشريكة منذ وقت طويل أننا نشعر باستياء كبير وأنّ هناك فعلاً أزمة خطرة بيننا».

الانتهازية

في المقابل، لم يُعر لودريان أهمّية لإمكان استدعاء السفير في لندن، قائلاً: «نعلم انتهازيّتهم الدائمة»، في إشارة إلى البريطانيّين، مضيفاً ما معناه أنّ بريطانيا ليست الطرف الأوّل المعني بهذه القضية.

كانت «نافال غروب» الفرنسيّة المملوكة جزئيّاً للدولة، اختيرت لتوفير 12 غوّاصة تعمل بالطاقة النوويّة لمصلحة أستراليا، بناءً على نموذج غوّاصة «باراكودا» الفرنسيّة قيد التطوير. وتناهز قيمة الصفقة 50 مليار دولار أسترالي (36.5 مليار دولار، 31 مليار يورو).

لكنّ الرئيس الأمريكي بايدن أعلن الأربعاء عن تحالف دفاعيّ جديد مع أستراليا وبريطانيا لتوسيع نطاق تكنولوجيا الغوّاصات النوويّة الأمريكيّة إلى أستراليا إضافة إلى الدفاع الإلكتروني والذكاء الاصطناعي التطبيقي والقدرات تحت البحريّة.

وعن دور لندن في الاتّفاقية الجديدة التي تمّت في عهد رئيس الوزراء بوريس جونسون، قال لودريان: إنّ «بريطانيا، في هذا الأمر برمّته، تُشبه إلى حدّ ما العجلة الثالثة». وقال باستخفاف: «بريطانيا ليست إلا طرفاً زائداً (أي بلا قيمة) في كل هذه» المعادلة.

المفهوم الاستراتيجي

رأى لودريان أيضاً أنّ الأزمة الراهنة ستؤثّر في تحديد المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف شمال الأطلسي، من دون أن يشير إلى إمكان الخروج من الحلف. وقال: «باشر الحلف البحث في مبادئه الأساسيّة بناءً على طلب رئيس الجمهوريّة. والقمّة المقبلة للحلف في مدريد ستُفضي إلى مفهوم استراتيجي جديد. بالتأكيد إنّ ما جرى للتوّ سيؤثّر في هذا التحديد». وتدارك «لكن في الوقت نفسه، على أوروبا أن تكون لها بوصلتها الاستراتيجيّة، وسيكون ذلك تحت مسؤوليّة فرنسا في النصف الأوّل من 2022»، في إشارة إلى الرئاسة الفرنسيّة للاتّحاد الأوروبي اعتباراً من الأوّل من يناير/ كانون الثاني المقبل.

واعتبر أنّه بعد الانسحاب المتسرّع للأمريكيّين من أفغانستان، من دون التشاور مع الحلفاء، وبعد ملفّ الغواصات، «إذا أراد الأوروبّيون أن يبقوا حاضرين في التاريخ، فعليهم أن يتّحدوا ويدافعوا معاً عن مصالحهم، عندها سيكون مصيرهم مختلفاً تماماً».

رفض وتوضيح أسترالي

رفض رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، أمس الأحد، الاتهامات الفرنسية لبلاده ب«الكذب» بشأن خططها إلغاء عقد لشراء غواصات فرنسية، مشيراً إلى أنه طرح مخاوف كانبيرا حيال الصفقة «قبل أشهر».

وأصر موريسون على أنه سبق أن طرح مخاوف مع فرنسا حيال غواصاتها. وقال للصحفيين في سيدني «أعتقد أنه كان لديهم جميع الأسباب ليعرفوا أن مخاوف جدّية وعميقة راودتنا بأن الإمكانات التي تملكها غواصات من فئة «أتاك» لن تتوافق مع مصالحنا الاستراتيجية وأوضحنا بشكل تام أننا سنتّخذ قراراً مبنياً على مصلحتنا الوطنية». وبينما أشار موريسون إلى أنه يتفهم خيبة أمل فرنسا، إلا أنه قال «لست نادماً على قرار تفضيل مصلحة أستراليا الوطنية ولن أندم إطلاقاً عليه».

بدوره، أكد وزير الدفاع الأسترالي بيتر دوتون ل«سكاي نيوز أستراليا» أن حكومته كانت «صريحة وواضحة وصادقة» مع فرنسا بشأن ترددها حيال الصفقة.

أما وزير المال الأسترالي سايمن برمنغهام، فشدّد على أن بلده أبلغ الحكومة الفرنسية بالأمر «في أقرب فرصة ممكنة، قبل أن تصبح المسألة علنية». وأضاف: «لا أقلل من تقدير مدى أهمية ضماننا إعادة بناء هذه العلاقات القوية مع الحكومة الفرنسية والنظراء مستقبلاً. لأن تواصل انخراطهم في هذه المنطقة مهم».

دفاع بريطاني

من جهتها، دافعت وزيرة الخارجية البريطانية الجديدة ليز تراس، أمس الأحد، في مقال عن موقف لندن، مؤكدة عزم بلادها على «التزام الحزم دفاعاً عن مصالحنا». وقالت الوزيرة: إن الاتفاق الأمني الجديد الذي أبرمته بلادها مع أستراليا والولايات المتحدة يبرهن على استعدادها «للتصلب» في الدفاع عن مصالحها.

وقالت في مقالها بصحيفة صنداي تلجراف «الأمر يتعلق بما هو أكثر من السياسة الخارجية من الناحية النظرية. لكنه يحقق إنجازاً للناس في بريطانيا وخارجها بإقامة شراكة مع الدول ذات التفكير المماثل لبناء تحالفات قائمة على القيم المشتركة والمصالح المشتركة». وأضافت: إن الاتفاق يبرز أيضاً التزام بريطانيا بالأمن والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

تقليل أهمية غضب الصين

قللت أستراليا من أهمية غضب الصين حيال قرارها شراء الغواصات ذات الدفع النووي متعهّدة الدفاع عن سيادة القانون جواً وبحراً؛ حيث تسعى بكين إلى الهيمنة على مناطق متنازع عليها.

ووصفت بكين التحالف الجديد بالتهديد «غير المسؤول إطلاقاً» للاستقرار الإقليمي، مشككة بالتزام أستراليا منع الانتشار النووي ومحذرة الحلفاء الغربيين من أنهم يعرّضون نفسهم للخطر. (وكالات)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"