الإمارات، كما هي دولة حضارة وحضور في التاريخ والجغرافيا والسياسة والاقتصاد والتجارة والزراعة، ودولة إنسان عربي خليجي شغوف بالعمل والعلم والمعرفة وروح المغامرة وارتياد آفاق التجريب والإبداع والابتكار، وكما هي دولة مؤسسات مبنية على ثقافة الحوار والأخذ والعطاء والكلمة الواثقة بنفسها وأنفاسها، فهي دولة شعر أصيل بمختلف فصوله وتفاصيله على نحو يجعل منه حاضراً في الذاكرة الشعرية الخليجية والعربية، من ذلك يأتي الشعر النبطي الذي صال وجال في المشهد الاجتماعي الإماراتي منذ مئات السنين، وحظي باهتمام دولة الإمارات في عهدها الجديد، وبشعرائه المنخرطين في ميدانه واشتراطاته جيلاً بعد جيل، عبر مجالس شعراء تلفزيونية وإذاعية، وعبر صحف ومجلات أفردت صفحاتها للمحافظة عليه وعلى التراث الإماراتي الفني الشفاهي.
ولأن الشعر مرآة الشعوب، ولأن الشاعر مصدر فرح وفخر العرب منذ العهد القديم، بوصفه لسان قومه ومؤرخ مناسبات وطنه، وذاكرة أحداثه، فقد أقدمت العاصمة أبوظبي على احتواء الشعر النبطي العربي وأحاطته بالرعاية الكفيلة بالأخذ بيده ليكون حاضراً في المشهد الشعري العربي، والحث على تطويره وإشراكه في مستجدات الحياة كسابقة جماهيرية ثقافية تاريخية، عبر إطلاق برنامج المسابقات الموسمي «شاعر المليون»، بما يهدف إليه من إحياء للشعر النبطي المرتبط ببادية عرب الخليج العربي لغوياً ونمطياً، وبما حظي به من مشاركات شعرية عربية من الخليج إلى المحيط، منذ موسمه الأول 2006 2007، وحتى الموسم العاشر الحاضر 2021 2022، الذي يطل علينا في مرحلته الأولى ب1000 شاعر من 22 دولة، تقدموا ب1000 قصيدة نبطية موزونة ومقفاة، لا تتعدى 20 بيتاً ولا تقل عن 10 أبيات، متصفة بالجودة والتميز، لاعتماد مشاركة شعرائها في سباق التحدي الشعري هذا عبر مرحلتين معتمدتين: المرحلة الأولى من خلال قيام «لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية» بتنظيم جولات اختبارية في دول مجلس التعاون الخليجي وبعض الدول العربية، لقياس أداء المتسابقين وسبر أغوار مَلكاتهم الشعرية، والمرحلة الثانية بتنافس المتأهلين للتصفيات النهائية على مسرح شاطئ الراحة في أبوظبي، حيث البث المباشر عبر قناتي «بينونة» و«الإمارات».
باختصار هذا هو البرنامج الجماهيري الشعري العربي النبطي «شاعر المليون»، الذي يحتفل ب«اليوبيل البرونزي» لانطلاقته في عالم المسابقات الإبداعية العربية، مُدَشِّناً مرحلته الأولى هذا الموسم بجولات ومقابلات الشعراء ال1000 عن بُعد، التزاماً وتماشياً مع الإجراءات الاحترازية للحد من فيروس «كوفيد – 19».
وفي مناسبة شعرية إماراتية كبيرة كهذه، ماذا لو حملت مرحلة التصفيات الشعرية اشتراطات فنية موضوعية تتمثل في إذكاء روح التحدي بين الشعراء المتأهلين، من خلال إبداع قصائد تتغنى ب«اليوبيل الذهبي الإماراتي»، وبالحدث العالمي (إكسبو 2020)، فهو توثيق للمنجزات الإماراتية من ناحية، واختبار للقدرات الشعرية المشارِكة في «شاعر المليون» العربي الخليجي الإماراتي من ناحية أخرى.
عن الكاتب
المزيد من الآراء
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا
