عادي
وقعت في قبضة الشرطة والتقطها مركز حماية من براثن الجريمة

مدمنة تعود إلى الحياة بعد الانحراف في عالم المخدرات

00:27 صباحا
قراءة 3 دقائق

دبي: سومية سعد
ما أبشع الإهمال وما أقسى تبعاته، وما أقبح البيوت التي لا يدري سكانها عن بعضهم بعضا شيئاً.. كلٌ في غرفته يعيش عالمه الخاص وكأنه لا يعرف أن في الغرفة الأخرى شقيقه أو شقيقته متجاهلاً بقية أفراد العائلة، وأدى الإهمال والتجاهل إلى تسلل شخص دنيء من الأقارب إلى المنزل خلسة وانفرد بإحدى فتيات العائلة واعتدى عليها واغتصبها تحت تهديد السلاح الأبيض، كل ذلك يجري دون أن يشعر أحد أو يلاحظ أي شيء طوال عام كامل، إلى أن اعتادت الضحية على انكسارها وضعفها فأصبحت ترضخ بسهولة ولا تقاوم ذلك المغتصب، لتدور أحداث قصة وتتطور من الاغتصاب إلى المخدرات لينتهي بها الحال في قبضة شرطة دبي التي تحيلها إلى مركز حماية الدولي بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات في القيادة العامة، وهناك التقطتها أياد حانية أعادوها إلى جادة الصواب والحياة مرة أخرى.

العقيد عبد الله الخياط، مدير مركز حماية الدولي، روى لنا وقائع قضية الفتاة التي ظلمها أهلها ثم ظلمت هي نفسها وتاهت في الحياة بعد أن دخلت عالم المخدرات بإرادتها فتعرضت للاستغلال والإذلال بسبب الإدمان، وبعد أن أعيتها الحيل وجدت ضالتها في مركز حماية الدولي بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات في القيادة العامة لشرطة دبي، الفتاة طرقت أبواب المركز فالتقطتها أيادٍ حانية وخلال جلوسها مع المسؤولين بالمركز أبدت رغبتها في العودة إلى جادة الصواب والحياة من جديد، تم تحويلها للمتابعة والعلاج والتأهيل تحت إشراف قسم استشارات الإدمان والرعاية اللاحقة.

الثقة بالمقربين

وقال العقيد عبد الله الخياط، مدير مركز حماية الدولي: بدأت معاناة هذه الشابة، حينما كانت تتعرض للاغتصاب في عمر ال 16 عاماً من أحد أقاربها حيث رضخت له تحت تهديد السلاح الأبيض وتخويفها في كل مرة كي لا تفضح أمره، ووسط غفلة الأهل وإهمالهم وثقتهم العمياء بالمقربين، أصبحت مشوهة نفسياً ومحطمة كلياً ومستسلمة لهذا المغتصب، الذي اختفى فجأة وانقطعت أخباره.

أثار اختفاء المغتصب فضول الشابة، فصارت تسأل عنه وتحاول الوصول إليه، وكان ذلك سهلاً عليها خاصة وأن المغتصب أحد أقاربها، وبعد فترة من التردد والخوف أخبرت عائلتها بحقيقة ما كانت تتعرض له على مدى عام كامل، ما أشعل مشكلة عائلية على نطاق أكبر، وتم إبلاغ الشرطة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

خلافات

سعت الأسرة لاحقاً لتزويج ابنتهم حفاظاً عليها وعلى سمعة الأسرة - الكلام مازال للعقيد عبدالله الخياط - لكنه يصمت للحظات ثم يقول: نعم.. تزوجت الشابة وأنجبت طفلة، ولكن الأمور لم تكن على ما يرام بينها وبين زوجها، ومع تفاقم الخلافات والمشكلات وقع الطلاق، وعلى خلفية الماضي أهملت العائلة التطورات في حياة ابنتهم التي لم تجد من تلجأ إليه أو تستند عليه أو يحتوي مشاكلها الجديدة ويدعمها، فانطلقت نحو الحياة يائسة مكسورة الخاطر والجناحين، مشتتة الفكر، لا تعرف ماذا ينتظرها.

إدمان

وفي ظل هذه التطورات وفي غياب الوازع وعدم الاهتمام كان عالم الإدمان جاهزاً لاستقبالها، تعرفت الشابة إلى «شلة» فاسدة، وبدأت تتعلم التدخين وانقادت نحو السهر والحفلات والتجمعات الليلية، وطورت علاقاتها بعدة أشخاص لملء فراغها العاطفي ولكنهم قادوها إلى المخدرات، فبعد تدخين «الشيشة» أقنعتها صديقة لها بتجربة صنف جديد من أصناف المخدرات، ثم تدرجت في تعاطي أصناف أخرى، ومنها انتقلت إلى التعامل مع تجار ومروجين ومدمنين، وكانت تستخدم سيارتها في نقل وتوصيل السموم لكن الشرطة كانت بالمرصاد وتم ضبطها، وفي مركز الشرطة أبدت رغبتها في العودة إلى جادة الصواب والحياة من جديد.

ندم

ولدى وصولها إلى قسم استشارات الإدمان والرعاية اللاحقة في مركز حماية الدولي، عبرت عن ندمها، كما تحدثت عن شعور الخوف الكبير الذي كان يلازمها طوال الفترة الماضية بسبب التشتت والضياع وخروجها عن القانون، يقول العقيد الخياط: عبرت الشابة عن اشتياقها إلى تذوق طعم الراحة والاستقرار والأمان والابتعاد عن عالم المخدرات وبيئته المدمرة، وأبدت رغبة في العلاج والتأهيل ومساعدتها على العودة إلى الحياة من جديد.

رسائل

أكد العقيد الخياط أن قصة هذه الشابة تحمل في طياتها عدة رسائل لأولياء الأمور، وقال: من الضروري غرس القيم والأخلاق والفضائل لدى الأبناء وتأسيسهم بشكل جيد، إلى جانب الاقتراب منهم ومنحهم الرعاية والاهتمام والحب وإشباعهم عاطفياً، حتى لا يستطيع أحد استمالتهم أو التأثير فيهم أو حتى التجرؤ على أذيتهم وتهديدهم، كما أن متابعة الأبناء على مدار اليوم والاستماع لهمومهم ومشكلاتهم ومغامراتهم اليومية وتوجيههم ونصحهم ومساعدتهم على مواجهة التحديات، يعزز ثقة الأبناء بأولياء أمورهم ويحد من حاجتهم إلى طرف ثالث ورابع وخامس خارج المنزل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"