عادي
من أجيال مختلفة وضمن برنامج الفنون البصرية

أربعة فنانين إماراتيين يشاركون بمنحوتات معاصرة دائمة في موقع «إكسبو 2020»

19:20 مساء
قراءة 3 دقائق
DUBAI, 14 September 2021. Art Installation, Pillow Fort Playground by Afra Al Dhaheri, Expo 2020 Dubai. (Photo by Walaa Alshaer/Expo 2020 Dubai)
Munira Al Sayegh copy

دبي: الخليج

مع بدء العد التنازلي لافتتاح «إكسبو 2020» في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، حين يجتمع العالم على أرض الإمارات، يقوم أربعة فنانين إماراتيين من أجيال مختلفة بوضع اللمسات الأخيرة على أعمالهم الفنية الدائمة في الأماكن العامة في الموقع.

وفي إطار برنامج الفنون البصرية في الأماكن العامة ضمن «إكسبو 2020 دبي»، يشارك الفنانون: عبد الله السعدي، وشيخة المزروع، وعفراء الظاهري، وأسماء بالحمر، مع زملاء لهم من المنطقة والعالم في خلق مساحة لا سابق لها تحتفي بالإبداع والفن المعاصر على امتداد الأشهر الستة لانعقاد فعاليات الحدث العالمي، وتستمر لتكون إرثاً بصرياً وجمالياً دائماً يتداخل ويتناغم مع النسيج الحضري لهذا الجزء المستقبلي من مدينة دبي.

وعمل طارق أبو الفتوح، منسق برنامج الفنون البصرية في الأماكن العامة على تصميم البرنامج بما ينسجم مع رؤية «إكسبو 2020» في تواصل العقول وصنع المستقبل والخطة الطموحة التي تم تصميم موقع إكسبو على أساسها، حيث يقوم على مخطط حضري مصمم للترحيب بالعالم أثناء انعقاد الحدث الدولي المرتقب، وليكون امتداداً عمرانياً مستقبلياً لمدينة دبي بعد إسدال الستار على فعالياته في 31 مارس/ آذار 2020، ويتحول إلى «دستركت 2020»، مدينة المستقبل الذكية المتمحورة حول الإنسان، والتي ستتطور في موقع إكسبو دبي.

يشارك الفنان عبدالله السعدي، المقيم في خورفكان بمنحوتة دائمة متداخلة مع مكان عام مخصص لجلوس الجمهور بعنوان «ترحال»، وهي نتيجة لانغماس الفنان في الطبيعة الفريدة لمنطقة وادي الطيبة في إمارة الفجيرة. يأخذ العمل شكل لوحات تصويرية كأنها خرائط رسمها الفنان فوق أحجار ضخمة من منطقة وادي الطيبة وتمثل دعوة لاكتشاف نوع من اللغة البصرية الشعرية المرتبطة بتاريخ جيولوجي موغل في القِدم.

وتشارك الفنانة شيخة المزروع المولودة في الشارقة والمقيمة حالياً في دبي، بعمل باسم «القاعدة» الذي يحمل لغتها الجمالية شديدة الخصوصية التي تعكس حسها العميق وفهمها البديهي للمواد وخصائصها الفيزيائية. ويشير العمل من حيث الشكل والمفهوم إلى القاعدة التي تنتصب عليها التماثيل، حيث سيكون على الإدارة المستقبلية «لدستركت 2020» أن تقوم بتكليف فنانين آخرين بخلق أعمال فنية أخرى تعرض فوقه، أو تكون على علاقة معه. وتسعى الفنانة لتوظيف المنحوتة الرخامية الدائمة كأداة للحوار والتعاون الجمالي والفكري بينها وبين فنانين آخرين في المستقبل، قد لا تعرفهم او تقابلهم.

وتحت إشراف المنسقين الفنيين المشاركين منيرة الصايغ، ومحمد العلما، تشارك الفنانتان عفراء الظاهري، وأسماء بالحمر، في جزء خاص من البرنامج يستكشف الذاكرة الجمعية وعلاقتها بالطبيعة المحلية والمفردات المعمارية.

فالمنحوتة الرخامية الضخمة للفنانة عفراء الظاهري، وهي تعيش وتعمل في أبوظبي، تحمل اسم: «نلعب بيت؟»، وهي تستلهم التّكية التقليدية، أو الوسائد الأرضية التقليدية في الإمارات، لاستحضار لحظات من الذاكرة الجمعية لألعاب الأطفال المرتجلة عند استعمالهم تلك الوسائد لصنع بيت، أو حصن.

«تباين المألوف» هو اسم عمل الفنانة أسماء بالحمر التي تعيش وتعمل في دبي، وهو منحوتة تدمج تشكيلات من الطبيعة والبيئة الحضرية كأنها تسجيل للانتقال البصري عند التحرك بين مناظر الجبال ومناظر المدينة، حيث يبدو التغير من التضاريس الطبيعية إلى المدينة والمعمار المتنوع والأبنية الشاهقة بمثابة رحلة عبر تحولات في الحجم وفي الزمن.

وتتشابك أعمال هؤلاء الفنانين في متن النسيج العمراني والهندسي للموقع للمرة الأولى في تاريخ دولة الإمارات والعالم العربي، لتشكل نقاط جذب ومعالم رئيسية ومحورية في الحياة العامة، تضفي على الموقع سمة معاصرة وحيوية، وتمنح زوار إكسبو وقاطني «دستركت 2020» المستقبليين سردية بصرية وحسية متجددة دافقة بالأفكار والصور البصرية.

ويستلهم برنامج الفنون البصرية المعاصرة لإكسبو 2020 «كتاب المناظر» لعالم الرياضيات والفلك والفيزياء العربي الشهير ابن الهيثم، الذي أنجزه في القرن الحادي عشر ميلادي (الخامس الهجري)، ما يوفر سياقاً فريداً لرؤية أعمال فنية معاصرة تُلهم الزوار وتحثّهم على استثمار قوة الخيال من أجل اكتشاف الأفكار والرؤى والسرديات وتبادلها برحابة. حيث إن إعادة قراءة عمل كلاسيكي وتأسيسي في الفن والعلم مثل «كتاب المناظر»، يساعدنا على سبر غور أفكار وفلسفات نابعة من تاريخ هذه المنطقة من العالم الثري بالشعر والملاحم والإرث الفكري، ليس للتفكير في حاضر الكون اليوم فقط، بل لتخيل عدسات سحرية تطرح تصور جديداً لمستقبله وأطيافه الكثيرة.

ومع تسارع الإنجازات البشرية المذهلة، العلمية والتكنولوجية، في عالم شديد التشابك، وتطور وسائل التواصل المكثّف بين مختلف المجتمعات والأفراد، يعود برنامج الفنون البصرية في «إكسبو 2020» إلى أفكار ابن الهيثم ذاتها، لتساعدنا على استكشاف الخصوصيات الثقافية والتفريق بين ما نراه، وما نتصوره، وما ندركه، وأهمية قوة الخيال في «تكوين الصورة». فالقدرة الفريدة المشتركة والمؤكدة بين البشر هي ميزة التخيل والقدرة على التقاط السرديات والقصص، مهما كانت «غريبة» عنهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"