عادي

الأمراض الجينية.. الخطر في التغيرات الوراثية

21:19 مساء
قراءة 5 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

يحمل الوالدان المئات من الطفرات الجينية والأمراض الوراثية دون أن يعانوا التأثيرات السلبية التي تسببها هذه المشكلات، وربما لا يشعر عدد كبير منهم بأية أعراض أو دلالات على الإصابة، ولكن تكمن الخطورة في احتمالية توريثها لأبنائهم، وتعرضهم لإصابات خطرة، وينجم عنها فشل النمو والإعاقة العقلية والذهنية، وفقدان القدرة على الحركة وغيرها من المضاعفات المزمنة التي تؤدي إلى المعاناة لسنوات طويلة. وفي السطور القادمة يستعرض الخبراء والاختصاصيون مجموعة من هذه الاضطرابات وطرق العلاج وكيفية التعامل مع الطفل المصاب.

يقول الدكتور حسين ناصر استشاري أعصاب الأطفال إن الضمور العضلي النخاعي من الأمراض الوراثية التي تتسم بانحلال خلايا القرن الأمامي في النخاع الشوكي والنواة الحركية في جذع الدماغ السفلي، ما يؤدي إلى ضعف عضلي وضمور تدريجي، ويواجه المصاب صعوبة في الحركة، والتنفس والبلع، والتحدث، والمشي، ويعتبر هذا المرض أحادي الجين الأكثر شيوعاً لوفيات الرضع، ويستهدف نحو 1 من كل 11000 مولود حي في جميع أنحاء العالم، ويحمل نحو 54 شخصاً هذا العيب الجيني، وعندما يكون كلا الوالدين حاملين للعدوى، فإن طفلهما لديه فرصة 25% للإصابة بضمور العضلات الشوكي.

دلالات تشخيصية

يشير د. حسين إلى أن الاشتباه في تشخيص ضمور العضلات الشوكية يتم قبل ولادة الطفل في أغلب الحالات، حيث تشعر الأم أثناء الحمل ببعض الأوضاع غير الطبيعية مثل: انخفاض حركة الجنين، وزيادة في السائل داخل الرحم، كما يجب الاشتباه في أي رضيع يعاني ضعف أو نقص التوتر غير المبرر، وتتضمن الدلائل الإضافية صعوبة المهارات الحركية، وضعف العضلات، ونقص المنعكسات، وتحزم اللسان، وعلامات مرض العصبون الحركي السفلي الذي يظهر عند الفحص، كما يمكن للاختبار الجيني الجزيئي مع تحليل الطفرات المستهدفة تأكيد التشخيص.

ويضيف: «عادة ما تبدأ الأعراض في أول شهرين بعد الولادة، وربما يبدو المصابون طبيعيين قبل ظهور العلامات، ولكن سرعان ما تتطور الإصابة ويرافقها ضعف شديد في العضلات، والجلوس غير مدعوم، وبكاء خفيف، وسوء البلع أثناء الرضاعة، وتجميع الإفرازات، وزيادة خطر فشل النمو، وضيق تنفسي يتحول لمزمن تدريجياً».

أمل جديد

يلفت د. حسين إلى أن ضمور العضلات الشوكي من الأمراض القاتلة، في حين عدم التدخل المبكر، حيث إن فقدان الخلايا العصبية الحركية من الصعب استبدالها أو تعويضها، لذا فإن أي تأخير في التشخيص يقلل من فرصة الشفاء، وفي عام 2019 وافقت إدارة الغذاء والدواء على علاج جيني جديد، وإعطاء الأمل في البقاء على قيد الحياة للمصابين بالضمور العضلي الشوكي، وتستخدم هذه الأدوية بشكل أفضل للرضع والصغار الأقل من سنتين، ومن المستحسن ألا يعتمدوا على جهاز التنفس الصناعي من أجل الحصول على أفضل فائدة، ويتم توجيه العلاج الداعم إلى توفير التغذية والمساعدة التنفسية بحسب الحاجة، ويمكن منع مضاعفات الضعف عن طريق دعم إعادة التأهيل الجيد في مجال العلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي.

فقر الدم المنجلي

يوضح الدكتور عبد الرحمن اللبان أخصائي أمراض الدم والأورام، أن فقر الدم المنجلي هو اضطراب وراثي، يؤثر في جزء «بيتا غلوبين» من الهيموغلوبين المكون الرئيسي لخلايا الدم الحمراء، أو تحدث هذه الحالة نتيجة العدوى، الجفاف، وضعف التهوية، ما يتسبب في تشوه وتحويل خلايا الدم الحمراء مستديرة الشكل والملساء، إلى خلايا غير طبيعية على شكل هلال ولزجة وصلبة، وتؤدي إلى بطء شديد في تدفق الدم عبر الأوعية الدموية، وتكون العلامات شديدة في حال إصابة كلا الجينين، أما الأفراد المصابون بجين واحد فقط فتكون العلامات لديهم قليلة وأكثر أعتدالاً، مثل: فقر الدم، نوبات «أزمات الألم»، تورم الأطراف، تأخر النمو والبلوغ، مشاكل في الرؤية.

مضاعفات متعددة

يوضح د. عبد الرحمن أن الخلايا المنجلية يمكن أن تؤدي إلي انسداد حاد أو مزمن في تدفق الدم إلى أعضاء الجسم المختلفة، وبعض المضاعفات الأخرى كالتالي:

* التأثير في الدماغ والتسبب في ضعف أو تنميل في الذراعين والساقين، وصعوبات مفاجئة في الكلام وفقدان الوعي.

* ينتج عنها عادة عدوى الرئة، ما يؤدي إلى ألم في الصدر وحمى وصعوبة في التنفس، وتسمى «متلازمة الصدر الحادة».

* ارتفاع ضغط الشريان الرئوي، ويتطور في الرئتين ويتسبب في تلفها، ويمكن أن يؤدي تدفق الدم البطيء في الأكسجين إلى إتلاف الأعصاب والأعضاء الأخرى مثل الكلى والكبد والطحال.

* انسداد الأوعية الدموية الدقيقة التي تغذي العين، ما يتسبب في فقدان البصر مع مرور الوقت.

* تقرحات مفتوحة في الساق، وحصوات المرارة.

* زيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم والجلطات الدموية والمضاعفات الأخرى أثناء الحمل.

خيارات علاجية

يؤكد د. عبد الرحمن أن خيارات علاج الإصابة بفقر الدم المنجلي تهدف إلى معالجة الأعراض والوقاية من المضاعفات المحتملة لدى المرضى، كمكملات الأكسجين، الترطيب في الوريد، نقل الدم، مسكنات الآلام، المضادات الحيوية، هيدروكسي يوريا، ويوصي الخبراء ببعض النصائح العامة لتعزيز الوقاية عن طريق المحافظة على رطوبة الجسم، وتناول ما لا يقل عن 2-3 لتر من الماء يومياً، تهوية المنزل وغرف النوم جيداً، الخضوع للفحوص المنتظمة مع أخصائي أمراض الدم بشكل دوري، الإبلاغ المبكر عن أي علامات غير طبيعية.

متلازمة داون

توضح أخصائية التخاطب وتعديل السلوك إسراء حسن، أن متلازمة داون تحدث نتيجة تكرار الكروموسوم رقم «21» بشكل كامل أو جزئي، ولا يزال السبب مجهولاً، ولكن تشير بعض التقارير إلي ارتباط هذه الحالة بعمر الأم وخاصة عند الحمل بعد 35 سنة، ويتم اكتشاف إصابة الجنين خلال فترة الحمل عند إجراء الفحوص والاختبارات التشخيصية، وتصاحبها مجموعة من الأعراض والعلامات التي تختلف شدتها ودرجاتها من طفل لآخر، وتتمثل في: مشكلات في القلب والغدة الدرقية، اضطرابات سمعية وبصرية، والتأخر العقلي والإدراك.

التدخل المبكر

تلفت إسراء إلى أن طرق العلاج الفعالة لمتلازمة داون، يجب أن تبدأ بالتدخل المبكر منذ الولادة، وتتمثل في العلاج الطبيعي وممارسة التمارين الرياضية لتقوية العضلات، وتحسين المعنويات والتركيز على تعليمه الأشياء المحسوسة، والعلاج الوظيفي، وتأهيل النطق واللغة، واستراتيجيات تعليم الطفل المصاب العديد من المهارات، ووضع نظام متكامل من الخدمات الوقائية والتدريبية والعلاجية من الأشهر الأولى إلى 6 سنوات، وتهدف هذه البرامج إلى تسريع النمو واستثمار نقاط القوة، وتقوية مناطق الضعف، كما تسهم في الاندماج والتعايش مع المجتمع، إضافة إلى دور الوالدين في رعاية هؤلاء الأطفال، وقراءة القصص ومشاركتهم أوقات اللعب، والتشجيع على اكتشاف الأشياء، وكيفية استخدامها، والحرص على الحديث عن كل ما يراه الصغير في محيطه، وإعطائه فرصه للتعبير عن نفسه بأسلوبه الخاص.

تنمية المهارات

تؤكد إسراء ضرورة تنمية مهارات النطق والفهم والقراءة للطفل، وعدم التعامل معه بشكل مختلف عن أقرانه من الإخوة أو الأطفال المحيطين، ومحاولة اكتشاف مواهبه ومميزاته حتى يسهل دمجه في المجتمع، وتطبيق البرامج التي تسهم في تطوير قدراته وإمكانياته العقلية والبدنية، كما ننصح الوالدين بالصبر في التعامل مع طفل متلازمة داون، حيث إن بعض هؤلاء الصغار يكون بطيء الاستجابة، ويتطلب جهداً أكثر للتعليم والتركيز في التدريبات المخصصة، وتجدر الإشارة إلى أن تلقي المحيطين بالطفل التوعية المناسبة، يسهم بشكل كبير في تطوير مهاراته وتكوين شخصيته للأفضل.

خلل التنسج الغضروفي

يصنف خلل التنسج الغضروفي ضمن مجموعة الاضطرابات الوراثية النادرة، التي تتسبب في فشل نمو الهيكل العظمي بشكل طبيعي، وضعف تخلّق العظام والنسيج الضام، ويتميز هذا المرض بمجموعة من الأعراض كضخامة الجبهة، الأنف السرجي، وتقوس الساقين، وقصر القامة (القزامة)، وفي بعض الأنواع تصبح الأطراف أقصر من الجذع أو العكس، ولا يتمكن المريض من تحريك المفاصل بشكل كامل أحياناً، أما ما يطلق عليه «الودانة» فهو من المشكلات التي تؤدي إلى وفاة المواليد الجدد، حيث إنه يتسبب في حدوث تشوهات شديدة في الجهاز التنفسي، ويتم تشخيص خلل التنسج على الأغلب خلال فترة الحمل عن طريق اختبار الدم، ويمكن التحري في التحاليل عن الجينة الشاذة، ويعتمد العلاج على جراحات استبدال المفصل أو إطالة الأطراف.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"