عادي
الآثار النفسية والتربوية للفيروس تتفاقم

«كورونا» يلقي بظلاله على مزاج الطلبة الدراسي

00:36 صباحا
قراءة 4 دقائق
  • المواءمة بين الاحتياجات التعليمية والاجتماعية
  • الطلبة فقدوا التفاعل والأنشطة فتبدلت سلوكياتهم
  • الأسرة مطالبة بالحوار وتذكير الأبناء بالأولويات

تحقيق: محمد الماحي
فرض تحدي فيروس «كورونا» وتداعياته، غيبة قسرية على الطلبة عن مدارسهم والبيئة الصفية، تسببت في العديد من الآثار النفسية والسلوكية عليهم، كما فرض على المدرسة والأسرة أدواراً جديدة لا سيما بعد اعتماد التعلم الواقعي من أجل إعداد أجيال المستقبل والإقبال على تجربة تعليمية تحقق الاستفادة القصوى لكافة الأبناء.

توقف التعليم حضورياً وتحوله ل«إلكتروني»، لمدة عامين تسبب بفقدان المزاج الدراسي لبعض الطلبة حتى الآن، لذلك، ووفق خبراء، لم تعد العودة إلى التعليم الواقعي «خياراً» إنما «حاجة ملحة» بعد أن أثبتت الدراسات عدم استطاعة التعلم عن بعد، تعويض ما يقدمه التعليم الواقعي، والآثار النفسية والتربوية تتفاقم مع الوقت، هذا الوضع يطرح مهمة عاجلة على عاتق أولياء الأمور والمعلمين تستوجب المواءمة الدقيقة بين الاحتياجات التعليمية والاجتماعية والعاطفية.

الخط الساخن

ودعت وزارة التربية والتعليم المدارس إلى تشكيل فريق الخط الساخن للرد على استفسارات أولياء الأمور في المدارس وتقديم الدعم اللازم لهم والعمل على حصر الاحتياجات.

ووجهت الوزارة إلى تقديم الدعم النفسي والإرشادي للطلبة وزرع الثقة التامة بالإجراءات التي تتبعها الوزارة وتهيئتها للمؤسسات التعليمية مع زيادة الوعي الذاتي لدى الطلبة وأولياء الأمور والكوادر التعليمية والإدارية الذين أصيبوا بالمرض مع تصميم برنامج دعم نفسي بالشراكة مع الشركاء الاستراتيجيين المختصين وإطلاع جميع الطلبة على البرنامج الأكاديمي وخطة الدراسة قبل بداية العام ليفهموا كيف سيختلف الجدول الدراسي مقارنة بالجدول العادي.

وحدّدت شركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة»، إرشادات رئيسية يجب على ذوي الطلبة مراعاتها للحفاظ على السلامة النفسية لأبنائهم، بعد عودتهم إلى المقاعد الدراسية عقب عامين من التعليم عن بعد، بسبب ظروف «كورونا»، مشددة على أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية.

وأكدت أهمية التزام الجميع بالإجراءات الوقائية والاحترازية المعمول بها في دولة الإمارات، وينطبق الأمر كذلك على الأهالي والهيئة التدريسية، وضرورة تعليم الطلاب في المراحل الأولى، خاصة رياض الأطفال، أهمية الالتزام بهذه الإجراءات.

السيطرة والانضباط

«الخليج» التقت عدداً من الخبراء التربويين وناقشتهم حول أهم مرتكزات عودة الطلبة للمدارس دون تحديات، وجاءت آراؤهم، لتؤكد حاجة الطلبة لتقديم الدعم النفسي مع عودتهم لصفوف الدراسة حتى يتوازن مزاجهم الدراسي.

ويذهب الخبير التربوي محمد راشد رشود، إلى أن عودة الطلبة إلى المدارس بحاجة إلى خطة للاحتواء من قبل إدارات المدارس وأولياء الأمور، فالطلبة في هذه الفترة وعبر عامين من الانقطاع فقدوا كثيراً من الأشياء التي كانت موجودة لديهم سواء بالسيطرة والانضباط، فتبدلت سلوكياتهم وتغيرت كثير من العادات.

ويضيف رشود، أن على الطالب أن يعتاد نظام العودة، وأن يتمتع المعلمون بالمرونة مع الطلبة، بحيث يتمكنون من العودة والاندماج بهدوء، وتنظيم ساعتهم البيولوجية، والاحتواء قدر المستطاع عبر التعزيز والتحفيز النفسي، وتقديم مساحة واسعة من الحركة.

ويشير إلى أن الفترة الماضية اعتاد فيها الطالب التعليم الإلكتروني، وبالتالي أصبح التعليم الواقعي بما فيه من انضباط وتفاعل وأنشطة وحركة ووسائل، كأنه يشكل عبئاً عليهم، بالتالي لابد من استيعابهم وإعادة تأهيلهم من جديد وإزالة الآثار التي بداخلهم بسبب ما شكلته كورونا من أزمة نفسية، لذلك لا بد من التصدي للعملية بطريقة ممنهجة ومخطط لها.

وأكد أهمية دور الأسرة في التهيئة النفسية والاجتماعية للطلبة عند العودة للمدارس، من خلال غرس قيم تقدير العلم والمعرفة لدى أبنائهم، وتهيئتهم تدريجياً بخطوات منتظمة، تبدأ بتنظيم الوقت وعدم السهر والاستيقاظ مبكراً، مرورا بتقليل ساعات مشاهدة التلفاز واستخدام الإنترنت والألعاب الإلكترونية، وصولاً إلى إكسابهم المهارات الأساسية للتعلّم.

تعزيز الاندماج

ويتفق الدكتور نواف يوسف النعيمي، اختصاصي الطب النفسي مع ما سبق ويضيف الية:«أن الدعم النفسي للطلبة، يمثل أولوية هامة لدى المدارس وأولياء الأمور، وذلك لتعزيز اندماج الطلبة في المدارس مرة أخرى مع أقرانهم، بعد مرورهم بظروف، أحالت لقاء أقرانهم لمدة طالت عن المعتاد، لذلك، يتطلب أن ترافق إعادة فتح المدارس، حملات «العودة إلى المدارس»، لقاءات وبرامج دعم نفسي ومعنوي للطالب.

وقال: رغم فرحة كثير من الطلاب ببدء عام دراسي جديد، إلاّ أن بعضهم قد يعاني القلق والتوتر، خاصة الطلبة في السنوات الأولى للدراسة، حيث يبتعد الطالب عن منزله المألوف الذي يشعره بالأمان، ليذهب إلى بيئة جديدة، مشيراً إلى أن القلق في الأيام الأولى من المدرسة، هو أمر شائع لدى كثير من الطلبة والمراهقين بشكل عام، وفي هذه الفترة بشكل خاص، بعد شهور طويلة من التعليم عن بعد، وهذا يفرض مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة.

وأضاف أن الأسرة مطالبة بالحوار مع الأبناء، الأمر الذي يعد شيئاً مهماً لتذكيرهم بأولويات الدراسة والتحفيز على القراءة والدراسة، فضلاً عن الاهتمام بالتغذية السليمة، وتنظيم وقت النوم والاستيقاظ.. وشددوا على عدم الحديث بشكل سلبي عن الجائحة أو عن المدارس أو الدراسة عن بعد، فالحديث ينعكس سلبياً على استيعاب الطلاب ودراستهم والتزامهم الأكاديمي لذلك يجب تجنب هذا الأمر.

ورش تأهيلية

أما الخبير التربوي مانع النعيمي، فيرى أن تحدي فيروس «كورونا» قد فرض على المدرسة والأسرة تكاملاً في أدوارهما المحورية، الأمر الذي يتطلب معه تنفيذ وزارة التربية لدورات تدريبية تنشيطية وتحفيزية لجميع الموظفين المختصين، وذلك بهدف تعزيز الشخصية التربوية للمعلم والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين وتنشيطها للقيام بدوره في البناء النفسي والاجتماعي للطلبة منذ أول يوم دراسي، مشيراً إلى أن دور وزارة التربية يتضح أيضاً في تنفيذ مبادرات داعمة لأولياء الأمور، وتقديم ورش تأهيلية تساعدهم في الدعم النفسي لأبنائهم، من خلال تزويدهم بالمهارات والمعارف والأدوات التي تمكن من توفير بيئة تعليمية مناسبة. ودعا النعيمي المعلمين الذين ابتعدوا عن التعليم المباشر قرابة العام، إلى تنظيم جلسات حوارية مع الطلبة عموماً في الحصص الأولى، لتعميق الرغبة في التعلم، وتبيان أثر البيئة التعليمية الإيجابي في بناء شخصية الطفل المتكاملة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"