ضغط هائل متوقع في مؤتمر المناخ في جلاسجو

21:50 مساء
قراءة 3 دقائق

د. محمد الصياد *
تكثف بريطانيا، عبر وزير الدولة فيها ألوك شارما الذي عيّنته الحكومة رئيساً لمؤتمر الأطراف السادس والعشرين (COP-26) الذي تستضيفه بريطانيا في مدينة جلاسجو الإسكتلندية في نوفمبر المقبل، إطلالاتها الإعلامية وإصدار التقارير الرامية إلى تحضير المشاركين في مؤتمر المناخ والمهام التي ستكون ملقاة على عواتقهم. ومؤخراً أصدر المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)، تقريراً موجزاً موجهاً لرؤساء الحكومات، بعنوان: تقييم مخاطر تغير المناخ 2021، مع تركيز على ثلاثة محاور هي: العالم بعيد بشكل خطر عن المسار الصحيح لتحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ، المخاطر تتفاقم وبدون اتخاذ إجراءات فورية ستكون الآثار مدمرة في العقود القادمة.

يسلط التقرير الضوء على حالة الانبعاثات الحالية مع ما يترتب عليها من مستويات في درجات الحرارة. المساهمات المحددة وطنياً (NDCs) التي التزمت بها الدول الأطراف في اتفاق باريس حتى الآن، لا تسهم سوى في خفض لا يتجاوز 1% من الانبعاثات بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 2010، وهذه المساهمات المودعة لدى سكرتارية الاتفاقية، ستفضي إلى ارتفاع نسبته 5 درجات مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، مقارنة مع أقل من 2 درجة مئوية نص عليها اتفاق باريس. وبحسب التقرير، فإنه إذا لم يتم تقليص الانبعاثات بشكل كبير بحلول عام 2030، فإن ذلك ستنتج عنه آثار مدمرة، على البشرية بحلول 2040 50.

التقرير يحذر من أنه إذا لم يجر خفض الانبعاثات بصورة كبيرة بحلول عام 2030، فإن مناطق العالم المختلفة (ينطبق هذا بصورة أكبر على منطقتنا العربية) ستكون غير قابلة للعيش فيها، نتيجة لارتفاع درجات الحرارة والرطوبة إلى ما يتعدى قدرة جسم الإنسان على تحملهما. أيضاً، وبسبب توقع زيادة الطلب على الغذاء بنسبة 50% بحلول عام 2050، فإنه إذا لم تحدث تخفيضات هائلة في الانبعاثات بدءاً من الآن، ستنخفض الغلات بحلول عام 2040، حيث سترتفع نسبة الأراضي الزراعية المتضررة من الجفاف الشديد إلى 32% سنوياً، كما أن أكثر من 35% من أراضي محصول القمح والأرز اللذين يشكلان معاً 37% من السعرات الحرارية المتناولة، ستتضرر من موجات الحر الشديدة.

ويتحدث التقرير أيضاً عما أسماه المخاطر النظمية البيئية والمناخية المتتالية، كسلسلة تؤثر في نظام كامل، بما في ذلك الأفراد والبنية التحتية والاقتصاد والأنظمة المجتمعية والنظم البيئية الناتجة عن الترابط بين أنماط الطقس المتغيرة، مما يؤدي إلى تغييرات في النظم البيئية، وظهور الآفات والأمراض المقترنة بموجات الحر والجفاف، والتي ستفضي إلى انهيار غير مسبوق في المحاصيل وانعدام الأمن الغذائي وهجرة السكان.

ولذلك فإن أمام الحكومات فرصة في مؤتمر الأطراف القادم في جلاسجو لتسريع خفض الانبعاثات من خلال تعظيم المساهمات المحددة وطنياً. في هذا الصدد انعقد الاجتماع رفيع المستوى في نيويورك يوم الثلاثاء 20 سبتمبر 2021، أو أسبوع المناخ، الذي كرس للاتفاق على مبادرات تخفيف وتمويل جديدة من الدول الغنية، لكن لم يحضر هذا الاجتماع الذي رعاه أمين عام الأمم المتحدة سوى 21 رئيس دولة من 40 كان متوقعاً، بما في ذلك الدول الأكثر نفثاً للكربون، الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند التي أرسلت مبعوثين. الولايات المتحدة وافقت على زيادة مساهماتها المالية المخصصة لتمويل مشاريع خفض الانبعاثات، إلى 11.4 مليار دولار.

كما أعلن الرئيس الصيني شي جين بينج، وقف بلاده تمويل أية مشاريع جديدة في الخارج تتعلق بتوليد الطاقة بالفحم، والاستعاضة عنها بمشاريع الطاقة الخضراء والطاقة الأقل نفثاً للكربون. وتعول الأوساط المناخية على اجتماع مجموعة العشرين الذي سيعقد في أكتوبر، ليوم واحد قبل انعقاد مؤتمر الأطراف في جلاسجو. ومع أن أسبوع المناخ جاء في أعقاب صيف آخر من كوارث الطقس المتطرفة، بما في ذلك حرائق الغابات المدمرة غربي الولايات المتحدة، والفيضانات المميتة في الولايات المتحدة والصين وأوروبا، والأعاصير الاستوائية القاتلة، إلا أن حصيلة الاجتماع لم ترق إلى هذه التطورات المناخية الخطرة، وكذلك التقرير الذي وزعته الأمم المتحدة يوم الجمعة 17 سبتمبر 2021، والذي أشار إلى أن التعهدات الحالية لخفض انبعاثات الكربون تضع العالم على طريق ارتفاع درجة الحرارة بواقع 2.7 درجة مئوية، وهو ما يتخطى حتى هدف باريس الأضعف، وهو 2 درجة مئوية.

اللهم إلا إذا استثنيا كلمات التعاطف والوعود المعهودة، على نحو مناشدة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، للدول الغنية تقديم مساعدة مالية «لدعم البلدان النامية كي لا تقع في فخ الوقود الأحفوري»، ومناشدة جوتيريس للدول الغنية للوفاء بتعهداتها طويلة الأمد بقيمة 100 مليار دولار سنوياً، كمساعدات مناخية للدول الفقيرة، مع تخصيص نصف ذلك على الأقل لمساعدتها على التعامل مع آثار الاحتباس الحراري.

* كاتب بحريني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"