تداعيات الانتخابات المحلية الفلسطينية

00:08 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. فايز رشيد

أثار قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس إجراء الانتخابات المحلية في الحادي عشر من ديسمبر/ كانون الأول القادم، جدلاً داخلياً واسعاً، في ظلّ غياب التوافق الوطني الفلسطيني العام حولها، وصل حدّ إعلان قوى وفصائل فلسطينية مقاطعة الاستحقاق الانتخابي، بوصفه بديلاً عن الانتخابات العامّة التي جرى تأجيلها حتى إشعار غير محدّد. وتدور تحدّيات إجراء انتخابات الهيئات المحليّة حول شكوك في إمكانية تنفيذها في قطاع غزة، بسبب رفض الفصائل الفلسطينية هناك إتمامها بعيداً عن المشاورات الوطنية، وبمعزل عن الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، وعدم شمولية إجرائها ضمن كافة المدن والبلدات الفلسطينية.

يتطلب إجراء الانتخابات تهيئة الأجواء الداخلية المناسبة، بعيداً عن التجاذب القائم بين حركتي «فتح» و«حماس» حول توقيتها ومرحلية إنجازها على مرحلتين، حيث تعقد المرحلة الأولى في المناطق المصنفة (C) ضمن 387 هيئة محلية، بما يشمل مناطق عديدة من مدينة القدس، فيما تجري المرحلة الثانية في الربع الأول من العام المقبل ضمن المناطق المُصنفة ب (A) و (B).

لهذا، تشكّل مرحلية إتمام العملية الانتخابية موضع خلاف داخلي فلسطيني، تحسّباً من عدم شموليتها جميع الهيئات المحلية في الضفة الغربية، واقتصارها على المناطق المصنفة ب (C)، فضلاً عن كون الهيئات التي أقرّت الحكومة الفلسطينية إجراء الانتخابات فيها كمرحلة أولى، تعدّ هيئات صغيرة، وتُشكّل المجالس في تلك المناطق عادة، إما بالتزكية أو ضمن توافق عائلي أو فصائلي. أو يتم تعيينها من وزارة الحكم المحلي، غير أن إجراء الانتخابات فيها قد يؤشر لطبيعة اتجاه التصويت قبل الذهاب لانتخابات المدن والبلديات الكبرى، مثل رام الله ونابلس والخليل وغيرها لمعرفة المزاج العام للناخبين. كما أنّ الانتخابات المحليّة لن تُسهم في إنهاء الانقسام الفلسطيني الممتد للأسف منذ عام 2007 خلافاً للانتخابات العامة، التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني التي تعتبر وفق تيار فصائليّ ومدنيّ واسع ضرورة ملحّة كمدخل لإتمام المصالحة وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، كما استعادة معادلة التوازن في النظام السياسي الفلسطيني عموماً.

لكن أمام احتدام الجدل في قطاع غزة حول خطوة إجراء الانتخابات المحلية، فإن ذلك يضع مصيرها على المحكّ، ويزيد من حالة التجاذب بين الحركتين المعنيتين، الأمر الذي يعمّق فجوة الانقسام بشكل أكبر.

لقد أكّدت الفصائل الفلسطينية، خلال اجتماعها في غزة مؤخراً بحضور قيادات من الحركتين الإسلاميتين، رفضها دعوة السلطة الفلسطينية إجراء الانتخابات المحلية القروية الجزئية، باعتبارها «تخدم مصالح فئوية ضيقة على حساب مصالح الشعب الفلسطيني وتطلعاته المشروعة»، كما نوّهت بقرار السلطة الفلسطينية بإلغاء إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، مشيرة إلى أن أية انتخابات تحتاج إلى توافق وطني، وتهيئة المناخات الملائمة لها، داعية السلطة إلى الالتزام بالاتفاقيات السابقة بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، بما فيها المجالس المحليّة أيضاً.

وفي هذا السياق قال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون، إن «شرعية رئيس دولة فلسطين، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير محمود عباس، مستمدّة من الشعب الفلسطيني، ومن مؤسسات منظمة التحرير، باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني»، كما طالب بضرورة استثمار الجهود الوطنية من كافة القوى والفصائل؛ لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، في إطار منظمة التحرير، وحشد الطاقات الوطنية للدفاع عن المشروع الوطني في مواجهة المخططات الهادفة لضرب أسس المشروع الذي ضحّى من أجله مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى.

يتوجّب أن يكون الحرص على الوحدة الوطنية الفلسطينية هو الأساس للوقوف في وجه كافة المحاولات الهادفة لتصفية قضيتنا الوطنية، وعلى القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية اعتماد لغة الحوار في حلّ كافة الخلافات فيما بينها، فهو الطريق الوحيد للوصول إلى القواسم المشتركة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب وباحث في الشؤون الاستراتيجية، وهو من الخبراء في الصراع الفلسطيني العربي-"الإسرائيلي". إضافة إلى أنه روائي وكاتب قصة قصيرة يمتلك 34 مؤلفاً مطبوعاً في السياسة والرواية والقصة القصيرة والشعر وأدب الرحلة. والمفارقة أنه طبيب يزاول مهنته إلى يومنا هذا

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"