عادي

«رودس».. بصمة إغريقية في حاضر اليونان

22:26 مساء
قراءة 4 دقائق
جانب من أكروبوليس ليندوس
المدينة القديمة مساء
كنيسة باناجيا الجميلة
مدخل متحف رودس
قصر جراند ماستر
برج الساعة - رولوي
حديقة روديني
شارع الفرسان التاريخي

إعداد: هشام مدخنة

تشتهر الجزر اليونانية بشواطئها الساحرة ذات اللون الأبيض اللؤلؤي، وشمسها الساطعة التي تنشر ألوانها الذهبية في معظم أوقات السنة، لكن سحر جزيرة «رودس» الحقيقي، أكبر جزيرة من مجموعة جزر دوديكانيسيا في اليونان، ليس في جمال الشاطئ ودفء الطقس فحسب، بل يكمن أيضاً في طبقات التاريخ القديم والحضور الدائم لمن جاؤوا في العصور الغابرة من خلال مواقع خلّدت أسماءهم وأزمانهم أينما تجولت في الشوارع والساحات المرصوفة.

من المدينة القديمة المسوّرة، أحد مواقع التراث العالمي، إلى العديد من القلاع التاريخية، مروراً بالمعابد المهيبة والأوابد الأثرية، وما تبقى من شوارع العصور الوسطى الضيقة، تزخر جزيرة رودس بأبهى حكايات الماضي التي شهدت الكثير من الحضارات والحكام ممن تركوا بصمة لا يمكن تجاهلها.

تعتبر المدينة القديمة في رودس من أقدم المدن العالمية التي ما زالت مأهولة بالسكان، وتضم الكثير من الآثار الخالدة مثل الحصون والمعابد والقلاع الأثرية التي تُعد من أشهر معالم المدينة وتستحق الزيارة، إضافة إلى العديد من المطاعم والمقاهي المميزة.

ولا توجد متعة تضاهي التجول في شارع الفرسان المرصوف بالحصى والممتد على طول 600 متر من قصر جراند ماسترز وحتى المستشفى الأثري القديم. ويضم الشارع سبعة نزل تدل على البلدان السبعة التي أتى منها فرسان القديس يوحنا، وهو محاط بجدران ذات نقوش أصلية تُظهر الروح الوطنية والمشاعر الثقافية للقرن الرابع عشر، إضافة إلى جسر وأبراج ونوافذ مقوسة.

قصر جراند ماستر

هو حصن ضخم بني على أنقاض قلعة بيزنطية قديمة، وكان هذا القصر التاريخي بمثابة المركز الإداري للفرسان، وشاهداً على انتصاراتهم العسكرية وخط الدفاع الحيوي الأول عن جزيرة رودس آنذاك، لما يضم من أبراج مستديرة وجدران تبلغ سماكتها 12 متراً.

ويعتبر قصر جراند ماستر من أشهر المباني في رودس لكونه مسكن القديس يوحنا، الذي يُعرف أيضاً بالسيد الكبير، ويحتوي على أربع وعشرين غرفة مفتوحة للزوار، بما في ذلك قاعة الاستقبال الكبرى، مع أرضية رخامية متعددة الألوان، ومقاعد منحوتة باحترافية عالية، وفسيفساء تصور الأسطورة الإغريقية «ميدوسا». كما يعرض القصر داخل ثناياه مفروشات تعود إلى القرنين السادس عشر والسابع عشر، ومنسوجات يدوية لعصور خلت، ومزهريات شرقية هي من عجائب الدنيا بلا شك وتتحدث رسماتها عن الكثير من الأنشطة العابرة للقارات التي كان يقوم بها الفرسان في ذلك الوقت.

برج الساعة «رولوي»

في شارع «أورفيوس» داخل المدينة القديمة، يطل برج الساعة «رولوي» ذو الطراز البيزنطي مع عناصر باروكية وقبة نحاسية، ودوار أثري يدل على اتجاه الريح، وأعمدة متناظرة.

ويعود تاريخ الجزء العلوي من البرج إلى القرن السابع، ويمكن الوصول إلى قمته بسهولة عبر صعود 53 درجة خشبية، والاستمتاع بإطلالة بانورامية مذهلة على بحر إيجه البعيد، والميناء، ومسجد سليمان، وقصر جراند ماستر. وقد ترغب في بعض المشروبات في مقهى التراس داخل البرج، وهي مدرجة ضمن تذكرة الدخول.

كنيسة باناجيا التاريخية

هي من أجمل معالم السياحة في رودس، وتعرف أيضاً باسم كنيسة السيدة العذراء وتقع بجانب المرفأ في بلدة ليندوس الأثرية والهادئة. ويعود تاريخ بنائها إلى عام 1300م، وبقاياها الهيكلية تعتبر واحدة من أفضل الأمثلة على العمارة القوطية في المدينة القديمة، وتقدم لمحة خافتة عن مجد المكان السابق. وللوهلة الأولى تبدو الكنيسة صغيرة الحجم، لكنك ستدهش من روعة تصميمها وجمال الزخارف والرسومات التي تملأ جدرانها، مع ممرات محاطة بأربعة أعمدة تعلوها قناطر مدببة وإطارات مضلّعة مميزة، ومدعومة بنوافذ بيضاوية طويلة.

ويعد هذا الموقع أكثر إثارة للإعجاب ليلاً، حيث تتم إضاءته بشكل مميز، ما يثير إحساساً فريداً بالتاريخ. ويتعزز هذا الشعور فقط عندما يصدح المكان بإيقاعات الأوركسترا خلال الأحداث الموسيقية الشيّقة التي تقام بشكل متكرر في رودس.

متحف رودس الأثري

إذا كنت شغوفاً بالتعرف أكثر إلى اليونان القديمة، سيحقق متحف جزيرة رودس الأثري مبتغاك. فهذا المتحف العريق يمتلك عدداً كبيراً من القطع الأثرية القديمة، ويشهد سنوياً توافد آلاف السياح الجدد من محبّي التاريخ اليوناني ودارسيه على مستوى العالم. ويتميز المبنى الخاص به بالأصالة والإبداع مع لمسة معمارية أنيقة. كيف لا وقد كان من قبل مستشفى خاصاً بفرسان القديس يوحنا الذين دافعوا عن الجزيرة.

أكروبوليس ليندوس

من داخل المتاهات والشوارع الأثرية الضيقة لقرية ليندوس، يمكن رؤية الأكروبوليس، أو أعمدة ليندوس، شامخة في قمة مونتا سميث هيل على علوّ 116 متراً، ومحاطة بأسوار ضخمة مائلة، مع صخور «روديان» العظيمة المتناثرة عند السفح المؤدي إلى هذا الموقع ذي الدلالات التاريخية الخالدة.

وبمجرد دخولك المكان، ستسشعر بعظمة أنقاض معبد «لينديا»، إلهة أثينا الأسطورية، والرواق الهلنستي المحافظ على شكله الجميل «بروبيليا»، وكاتدرائية القديس يوحنا البيزنطية. وهناك قرابة ال20 عموداً من وحي «دوريك» تعكس صورة ظلية صارخة على أرض أسطورية.

ويمتد موقع ليندوس الأثري إلى ما وراء الأكروبوليس، فهناك المسرح الدائري العظيم وقاعة الاحتفالات والعديد من المقابر وأماكن التضحيات بحسب الأساطير الإغريقية القديمة.

حديقة روديني القديمة

في الجانب الآخر، وعلى بعد بضعة كيلومترات من وسط رودس، تقع جنة روديني بارك، وتعتبر أقدم منتزه طبيعي في العالم، وإحدى مناطق الجذب الرئيسية في الجزيرة. في زمن الإمبراطورية الرومانية، كانت الحديقة مكاناً شهيراً للمشي والاسترخاء، وتم الحفاظ على أجزائها الأثرية من قنوات المياه الرومانية والأسوار القديمة. وتضم الحديقة كذلك العديد من طيور الطاووس والكائنات الحية والجداول والمسارات التي تصطف حولها أشجار القيقب والصنوبر والسرو، وغيرها من الخضرة التي ترسم لوحة طبيعية تستطيع من خلالها الاستمتاع بالهواء النقي على طول الطريق الممتد مع التيار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"