تحدثت دبي فأبهرت العالم

00:22 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمود حسونة

قالت الإمارات وأنجزت، وعدت دبي وصدقت الوعد، وانتقل فعل الإبهار من مجرد القول إلى حقيقة الفعل، فعل شاهده العالم وصفقت له قارات الدنيا، وتحدثت فيه دبي بلغة الفن التي يفهمها الإنسان أياً كان مكانه وأياً كانت لغته وبيئته وأياً كان مستواه.

حفل افتتاح «إكسبو ٢٠٢٠» جاء مؤكداً أن هذه الدورة من المعرض العالمي لن تشبه إلا نفسها مثلما لا تشبه الإمارات إلا نفسها، ومثلما تتفرد دبي في الملامح والإنجازات والأفعال، وخلاله تحولت قبة الوصل إلى قبة تصل شرق العالم بغربه وشماله بجنوبه، بعد أن رفرفرت في فضائها أعلام ١٩١ دولة تشارك في حدث الألفية، وتلاقت فنون الدنيا وتمازجت أصوات النجوم مع أصوات الآلات الموسيقية لتضيء على فنون المستقبل التي سترتدي ثياباً جديدة من دون أن تتخلى عن الفولكلور، وبلغ الإبهار منتهاه بالتشكيلات الضوئية التي رسمت لوحات تعبر عن أربع جهات الأرض وتلون كرة الكوكب بألوان الآتي من فضاء الزمن، محاولة أن تخرجه من عباءة المجهول، وتسبح في أعماق بحار الحياة لتصطاد منها اللآلئ والأصداف، وتمنح شجرة الحياة آمالاً في غد أفضل يتجاوز فيه الإنسان محنه، وبالعلم والابتكار يتجاوز التحديات ويحطم الحواجز ويزرع الثقة في أن عالم الغد الذي سيكون مختلف الملامح متكئاً على النافع والمفيد من إرث السابقين ومتجاوزاً للضار والباطل منه.

نعم الإمارات أوفت بما وعدت، وقفزت بالعالم إلى المستقبل في حفل الافتتاح، الذي كان عنواناً للمعرض العالمي، عنوان يفصح عن بعض المحتوى وليس كله، ويؤكد أن زائر «إكسبو ٢٠٢٠» سيطلع فيه على ما يستحق الخلود من الموروث العالمي، وسيتوقف أمام أهم ما أنتجه العقل البشري في الحاضر، وسيضيء على ما سيفرزه إبداع الإنسان للزمن القادم، مازجاً الماضي بالحاضر والمستقبل، ومستعرضاً قدرات العقل البشري على التجديد والتجدد، ومهارات الإنسان في التطوير والتطور.

قبة الوصل تحولت بكاملها إلى شاشة من مختلف الجهات، وعليها تحدثت تقنيات الضوء والليزر لغات الماضي والمستقبل، وعبرت عن طموحات إنسان الحاضر، واحتوت الشاشة المسؤولين والضيوف، فهم الحدث وصناعه ومستهدَفوه والحلم ومحولوه إلى حقيقة.

عندما تريد الإمارات تفعل، وهذا هو عهدنا بها، والدولة التي تصر على الرقم واحد وتؤكد دائما أن المستحيل كلمة لا وجود لها في قاموس قادتها، سيظل في جعبتها الكثير لتفعله، و«إكسبو ٢٠٢٠» فعل كبير القيمة وسيكون عظيم العائد وسينعكس مردوده على مكانة الإمارات على خريطة العالم ومكانة دبي بين المدن الأكثر إشعاعاً في جغرافيا الكون، وقد عبر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن قيمة الفعل الإماراتي خلال حفل الافتتاح بتغريدته: «‏ليلة اختصرت المسافات.. وجمعت الأمم والثقافات.. ورسخت مكانة دبي والإمارات.. أهلاً بالعالم.. أهلاً بالمستقبل.. أهلاً بالإنسان من كل مكان في إكسبو دبي»، كما عبر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عن فخره بالحفل وشكره لكل من أسهم في الإنجاز على «تويتر»: «‏حفل افتتاح «إكسبو 2020 دبي»، يدعو إلى الفخر، ويؤكد أن الإمارات تنظم دورة استثنائية غير مسبوقة.. أهلاً بالعالم على أرض المحبة والسلام والأمل.. أهلاً بالعقول التي تصنع المستقبل بالتفاعل والتواصل.. أهلاً بثقافات العالم وابتكاراته ومنجزاته.. شكراً أخي محمد بن راشد.. شكراً لكل فرق العمل».

انطلق «إكسبو ٢٠٢٠» ولكن الإبهار لن يتوقف، ولن يقتصر على ما شاهدناه في حفل الافتتاح، وإذا كان اليوم هو ثالث أيام المعرض العالمي، فما يزال أمامنا ١٧٧ يوماً ستتنافس خلالها ١٩١ دولة في تقديم أفكارها ورؤاها ومنتجاتها وتراثها وابتكاراتها، وسيستمتع خلالها الزوار بأشكال وألوان من الفنون العالمية والعربية، وستتحول أرض إكسبو إلى ملتقى للخبرات والكفاءات من أربع جهات الأرض، وستقام الندوات التي تستشرف المستقبل وتكشف عن بعض ملامح الزمن الآتي، ملتقى للدنيا لن يتكرر إلا بعد خمس سنوات في الدورة المقبلة لإكسبو، وقد لا يتكرر مثله لأن الإمارات لن تكون منظماً لها.

ليس جديداً على الإمارات أن تجمع العالم، فهي الدولة التي تستضيف مقيمين على أرضها من ٢٠٠ جنسية، وكل منهم يمارس حياته بحرية وأمل ويتناغم مع الآخرين من دون أن يتخلى عن خصوصياته. الإمارات جمعت العالم أمس، واليوم تجمعه في حدث استثنائي، وغداً ستجمعه في أحداث عادية وأخرى استثنائية، وستظل الحلم لشباب العالم والأمل لسكانه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب صحفي، بدأ مسيرته المهنية عام 1983 في صحيفة الأهرام المصرية، وساهم انطلاقة إصداراتها. استطاع أن يترك بصمته في الصحافة الإماراتية حيث عمل في جريدة الاتحاد، ومن ثم في جريدة الخليج عام 2002، وفي 2014 تم تعيينه مديراً لتحرير. ليقرر العودة إلى بيته الأول " الأهرام" عام 2019

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"