عادي

الطريق إلى قمة الأطراف المناخية في جلاسكو مرصوف بعدم اليقين

20:14 مساء
قراءة 4 دقائق
المناخ

باريس - أ ف ب
قبل أقل من شهر على مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب26)، يتعرض قادة العالم لضغوط غير مسبوقة لتخليص اقتصاداتهم من الكربون ورسم مسار للبشرية بعيد عن الاحترار المناخي الكارثي.
لكن في خضم جائحة ما زالت مستعرة في أجزاء من العالم، ومع بلدان متضررة من كوارث ناجمة عن تغير المناخ وتطلب المساعدة والمال، من المرجح أن تكون المفاوضات في جلاسكو محفوفة بالأخطار.
وتأتي القمة المناخية التي أرجئت عاماً بسبب كوفيد-19، فيما تتسّع الهوّة أكثر من أي وقت مضى بين ما يقول العلم إنه ضروري لتجنب كارثة، وما تقوم به الحكومات.
وحدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، متوجهاً إلى نحو 50 وزيراً الخميس في بداية اجتماع تمهيدي لمؤتمر الأطراف في ميلانو، الخيار المتاح أمام المفوضين الذين سيحضرون القمة في جلاسكو بقوله: "يمكننا إنقاذ العالم أو الحكم على البشرية بمستقبل جهنمي".
وتقول بريطانيا التي تستضيف مؤتمر الأطراف كوب26، إن الهدف الرئيسي للقمة هو الحفاظ على الهدف المنصوص عليه في اتفاق باريس للمناخ المبرم عام 2015 والمتمثل في حصر ارتفاع درجة الحرارة بـ1,5 درجة مئوية.
وفي مطلع آب/أغسطس، أطلق العلماء في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تنبيهاً جديداً في تقرير رسمي مفاده أن ارتفاع حرارة العالم بـ 1,5 درجة مئوية قد يحصل قرابة العام 2030، أي قبل عشر سنوات مما كان متوقعاً وهو أمر يهدد العالم بكوارث جديدة "غير مسبوقة".
وبحلول العام 2050، ستكون حرارة الأرض أعلى بـ1,5 درجة مئوية مقارنة بفترة ما قبل الثورة الصناعية بغض النظر عن الجهود المبذولة لتقليل انبعاثات الكربون التي تؤدي إلى ارتفاع حرارة الكوكب، وفقاً للجنة.
ومع ارتفاع درجة الحرارة بما يزيد قليلاً عن درجة مئوية حتى الآن، شهدت السنتان اللتان مرّتا على القمة المناخية الأخيرة للأمم المتحدة، حرائق غابات قياسية في أستراليا والولايات المتحدة، وموجات حر غير مسبوقة في أمريكا الشمالية وسيبيريا وفيضانات ضخمة في جنوب شرق آسيا وإفريقيا وشمال أوروبا.

نقص ثقة

يتطلب اتفاق باريس للمناخ أن تجدد الدول خططها لخفض الانبعاثات المحلية التي تعرف بالمساهمات الوطنية المحددة، كل خمس سنوات.
وبدلاً من حصر ارتفاع درجة الحرارة بـ1,5 درجة مئوية كما حدده هدف الأمم المتحدة، تقول الأخيرة إن التقارير التي قدمتها الدول خلال العام الماضي تظهر أن درجة حرارة الأرض قد ترتفع 2,7 مئوية هذا القرن.
ولخّص رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون آماله لقمة جلاسكو كالآتي: "فحم وسيارات ونقود وأشجار"، أي اتفاقات للتخلص التدريجي العالمي من الفحم الحجري ومحركات الاحتراق الداخلي وجمع تمويل للدول الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ وزرع الأشجار على نطاق واسع.
لكن جدول أعمال المندوبين في مؤتمر كوب26 لن يكون بهذا الاختصار، فبعد ست سنوات من إبرام اتفاق باريس، لم تنته البلدان بعد من "كتابة القواعد" للاتفاق الذي يحدد طريقة تحقيق الأهداف وقياس التقدم المحرز.
وتشمل الخلافات المستمرة منذ فترة طويلة تلك المتعلقة بطريقة إدارة أسواق الكربون والإطار الزمني المشترك لـ"جرد المخزون" المؤقت لمعرفة ما هي إجراءات كل دولة.
في غضون ذلك، تطالب الدول الفقيرة البلدان الأغنى بالوفاء خلال كوب26 بوعد مضى عليه عقد يتمثل في تقديم 100 مليار دولار سنوياً لمساعدتها على التخلص من الكربون من شبكاتها الكهربائية والتكيف مع تغير المناخ.
وقالت تسنيم إيسوب رئيسة Climate Action Network التي تمثل نحو 1500 مجموعة بيئية، إن مؤتمر جلاسكو يعقد بعد سنوات مروعة لسكان الدول المعرضة للخطر.
وأضافت: "يعقد مؤتمر الأطراف هذا، بخلاف مؤتمرات الأطراف الأخرى، في وقت تشعر البلدان النامية بشكل كبير بكل هذه الأعباء والمعاناة، وفي هذا السياق رأينا دولاً غنية لم تكن مستعدة للتضامن مع الدول الفقيرة لتوفير اللقاحات".
وأشارت إلى أن هناك "نقصاً كبيراً في الثقة" بين الدول التي تكافح تغير المناخ والدول التي تسببت انبعاثاتها الكربونية في ذلك.
ومن المرجح أن تلقي مسألة عدم المساواة في اللقاحات بظلالها على القمة في جلاسكو، إذ لا يستطيع الكثير من ممثلي الدول الفقيرة تحمل كلفة رحلة تشمل حجراً صحياً فندقياً مكلفاً.
وقال سونام وانغي رئيس كتلة Least Developed Countries التفاوضية هذا الأسبوع في تغريدة إنه ما زال "قلقاً بشأن تمكن مشاركة مندوبينا في كوب26".

الصين مفتاح مجموعة العشرين

سعى رئيس كوب26 ألوك شارما هذا الأسبوع إلى تهدئة هذه المخاوف بالقول إنه كان هناك "تسجيل جيد للغاية" في عدد المشاركين، وأن أكثر من 100 من قادة العالم أكدوا حضورهم.
ويقول مراقبون إن ثمة مؤشرات إيجابية مع إعلان الولايات المتحدة لمضاعفة المساعدات الخارجية المخصصة للمناخ، وقول الصين إنها ستوقف العمليات الجديدة لإنتاج الفحم في الخارج.
لكن بالنسبة إلى ألدن ماير المشارك السابق في محادثات مناخية في الأمم المتحدة والمحلل البارز في مركز الأبحاث EG3، فيما يتعلق بخفض الانبعاثات: "ينتظر الجميع ليروا ما ستفعله الصين".
وأعلن الرئيس شي جينبينغ العام الماضي هدف بلاده المتمثل في تحييد أثر الكربون بحلول العام 2060، وأن تصل الانبعاثات المحلية إلى ذروتها "بحلول العام 2030".
وما زال يتعين على هذا البلد المسؤول عن أكثر من ربع الانبعاثات الناجمة عن النشاطات البشرية، تقديم مساهمات وطنية محددة معدلة ومن المتوقع حدوث ذلك قبل قمة جلاسكو.
وقد تكون قمة لمجموعة العشرين في روما قبل أيام من كوب26 التي قال خلالها رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي إنه سيدفع الأعضاء للالتزام بهدف 1,5 درجة مئوية، مؤثرة أيضاً.
وقال ماير إن "السيناريو الأفضل سيكون أن تضيف مجموعة العشرين بعض الزخم إلى جلاسكو".
وأضاف أن "السيناريو الأقل تفاؤلاً سيكون الجمود والوصول إلى طريق مسدود في روما، ثم الانتقال من هناك إلى قمة جلاسكو من دون وحدة فعلية".

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"