أسوأ قدوة

01:00 صباحا
قراءة دقيقتين

الخبر ظريف تبتسم حين تقرأه ويدفعك للتعليق عليه وفق رؤيتك أو تربيتك وأخلاقك ومفهومك للتربية والقدوة والالتزام والمظهر العام واللباقة في المجتمع، ويصادف أن يأتي مباشرة بعد احتفال العالم باليوم العالمي للمعلّم.
يقول الخبر: «ناشدت السلطات التعليمية في ميدلسبرة في بريطانيا أولياء الأمور ارتداء ثياب مناسبة عند اصطحاب أطفالهم بعد تزايد ظاهرة الآباء والأمهات الذين يرتدون البيجاما عند إنزال أطفالهم من وإلى المدرسة». ظاهرياً الخبر ظريف، لكن إذا تمعنت في مضمونه وعرفت أن المناشدة هذه ليست الأولى هناك، وأن بعض أولياء الأمور يتعمدون تجاهل الحظر ويصرون على اصطحاب أبنائهم حتى بوابات المدارس بملابس النوم وأشكال الدباديب.. تفهم أن البُعد أخلاقي وتربوي، وهو خير دليل على الإهمال لدى بعض الأهالي في تربية أبنائهم، والمصيبة أنهم يقدمون لهم أسوأ نموذج وأسوأ قدوة لاحترام المدرسة والانضباط، فكيف ينشأ صغارهم وماذا يتعلمون منهم، وكيف يحترمون المدرسة وقوانينها؟ 
قبل يومين احتفلنا باليوم العالمي للمعلّم، هو الصورة المرادفة للأب والأم، لكنه لا يحل محلهما ولا يمكنه تصحيح الصورة وتولي مسؤولية تربية الأبناء، وتعديل الاعوجاج إذا كان من يتولى هذا الدور في المنزل يصر على هذا الاعوجاج، ويرخي الحبال لينفض عن نفسه أي عبء وأي التزام! 
المعلّم والمعلّمة والمدرسة وإدارتها لا يمكن أن يكونوا البديل عن المنزل، ومن يتولون مسؤولية تربية الأطفال فيه، ولا يمكن أن تقنع الصغار بأهمية احترام التعليم وأن للمدرسة وكل الطاقم فيها هيبة يجب احترامها وتقديرها، وللزي الذي يرتديه الطالب احترام أيضاً. كيف تقنع طفلاً بأن الخروج إلى الشارع له قواعده واحترامه، إذا خرجت الأم من بيتها بملابس النوم وسارت في الشارع وكأنها تتنقل داخل منزلها بين غرفة النوم والمطبخ؟ 
من هو المثل الأعلى لكل طفل؟ لا شك في أن الصغار يتأثرون بالشخصيات الكرتونية والفنانين والمشاهير، لكن النموذج الحقيقي الذي يؤثر فيهم ويترك بصمة في تكوين شخصياتهم وأخلاقهم وسلوكياتهم وتصرفاتهم في المجتمع، هو الأب والأم، يليهما المدرّس إذا عرف كيف يجذب طلابه ويستحوذ على إعجابهم وانتباههم، ولا يمر مرور عابر السبيل حتى ولو كان معلّماً «باهتاً» بلا أي بصمة مميزة. 
الأستاذ (والمعلمة) قدوة، والأب (والأم) قدوة، فمن ينتبه إلى الصورة التي ينقلها إلى الأطفال؟ من تستوقفه كل تفصيلة صغيرة في تصرفاته فيخاف أن يقلده الصغير ويتعلم منه الخصال والتصرفات السيئة أو غير المسؤولة وعدم المبالاة وكسر القوانين عمداً، وعدم احترام المدرسة ومن فيها، والتعليم وأبعاده، وعدم احترام الطفل ومستقبله وبناء شخصيته؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"