يطير كفراشة ويلسع كنحلة

00:11 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن

هل من علاقة بين رياضة الملاكمة والرسم؟ لا نملك إجابة على السؤال، لكن المؤكد أن الملاكمة، بالطريقة التي جسدتها سيرة بطلها الأهم محمد علي كلاي، هي ضرب من الفن. في الرياضات عامة مهارات يمكن وصفها بالفنية، فالأمر لا ينحصر في القدرات والمهارات الجسدية للرياضي وحدها، وإنما بطريقة الأداء التي يمكن اعتبارها إبداعاً، كإبداع الرسام والموسيقي والممثل المسرحي أو السينمائي.
عاد محمد علي كلاي (1942 – 2016) إلى الواجهة الإعلامية مؤخراً من باب آخر، غير باب الملاكمة، هو الرسم، فالرجل الذي في حصيلة منجزه الرياضي 56 فوزاً منها 37 بالضربة القاضية، مقابل خمس هزائم لا غير، وفوز ببطولة العالم للوزن الثقيل ثلاث مرات على مدى عشرين عاماً، وتتويج بلقب «رياضي القرن»، والمقصود القرن العشرون بالطبع، كان يتمتع أيضاً بموهبة الرسم.
ولكلاي بيعت مؤخراً 26 لوحة بمبالغ قدرت ب 945524 دولاراً. رسم واحد بالقلم اللباد (الفلوماستر) عن رياضة الملاكمة رسمه كلاي بيع بأكثر من 425 ألف دولار في مزاد بنيويورك. ورغم أن أعماله الفنية غير معروفة على نطاق واسع، ولسنا في مقام من يقيمها فنيّاً، لكن الواضح أن اقترانها باسمه، كونه من رسمها، يضفي عليها قيمة استثنائية.
كان كلاي يصف نفسه، كملاكم، بأنه «يطير كالفراشة ويلسع كالنحلة»، واختار الجزء الأول من هذه العبارة: «السع كنحلة» عنواناً لإحدى لوحاته والتي رسمها على ورقة في عام 1978، أثناء تصوير المسلسل التاريخي المصغر «فريدم رود»، أو «طريق الحرية»، الذي قام ببطولته، وفق ما ذكرته دار بونهامز للمزادات، وأصبحت هذه اللوحة بالذات أكثر أعماله المطلوبة بين أكثر من 20 لوحة ورسماً له، عكست، كما تقول التقارير، «اهتمامه بالدين والعدالة الاجتماعية وبمسيرته كملاكم». وقد اقتنى اللوحة المذكورة أحد جامعي تذكارات كلاي ويقيم في بريطانيا، فيما اشترى مقتنون آخرون لم يعلن عن أسمائهم بقية اللوحات.
وشغف كلاي بالرسم لم يكن معروفاً بشكل كبير، لكنه كان يحب الرسم كوسيلة للاسترخاء بعد المباريات أو التدريب. وبعض أعماله التي بيعت عبارة عن لوحات طبيعية تقليدية، بينما كان البعض الآخر عبارة عن رسوم شخصية تشبه الرسوم المتحركة. ومن بين أعماله لوحة «أمريكا: السجن الكبير» التي تعود إلى عام 1967 و«الحرب في أمريكا» التي تقدر قيمتها بما يتراوح بين 23 و 35 ألف دولار، وإن بدت في هذه العناوين شحنة نقدية تجاه وطنه، فإن لوحة رسمها عام 1979 بالأحمر والأبيض والأزرق على قماش كتب عليها «أحبك يا أمريكا» وبيعت بمبلغ 150 ألف دولار.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"