خبز تونسي في «الإليزيه»

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن

كان من المفروض، حسب تقليد متبع، أن يتولى صاحب مخبز من أصل تونسي، تزويد القصر الرئاسي الفرنسي «الإليزيه»، بنوع الخبز المعروف في فرنسا ب «باجيت»، في مسابقة سنوية تقام لمنتجي هذا النوع من الخبز، تتيح للفائز فيها هذا الامتياز لمدة عام، لكن الفائز هذا العام ب«أحسن باجيت في باريس»، حرم منه، بعد تداول صور لحسابه على «فيسبوك» تُظهر ما وصف ب«آراء بغيضة» في حق فرنسا نشَرَها.
وبسبب ذلك تخلّفَ الفائز في المسابقة عن الحضور لتسلّم جائزته، في الحفل المقام بميدان نوتردام، وأرسل من ينوب عنه، حيث نسب إلى مسؤول كبير في بلدية باريس قوله: إن الفائز فهم أن «حضوره قد لا يكون خطوة مثالية».
وتنافس على الجائزة في المسابقة التي أجريت قبل نحو أسبوع 173 من أصحاب المخابز، ليربح فيها مكرم العكروت، وهذا هو اسم صاحب المخبز، ولا نعلم ما الذي يعنيه لقبه العائلي في الدارجة التونسية أو المغاربية عامة، أما مفردة «باجيت» فتعني في الفرنسية العصا، كون الخبز المذكور يشبهها، فهو طويل ورفيع، مقارنة بأنواع الخبز الأخرى.
ويطلق اللبنانيون، والشوام عامة، على هذا النوع اسم «الخبز الإفرنجي»، أما في العراق وبعض بلدان الخليج فيعرف ب«الصمّون»، وأدعوكم لوضع عبارة «رؤية خبز (الصمّون) في المنام»، في خانة البحث على «جوجل»، فستجدون هناك ما يسرّكم ويضحككم، لكني سأكتفي بنقل نزر يسير مما قرأت: «رؤية خبز (الصمّون) في المنام وتناوله بشرى وبركات ينعم الله بها على الحالم، وعلى البحث عن النجاح وتحقيق العديد من الأشياء المهمة له، بينها التوبة والراحة والطمأنينة والشعور بالأمان».
عودة للفائز في المسابقة الباريسية الذي لم ينل ما كان ينشده من الفوز بالجائزة، أي تزويد «الإليزيه» بالخبز، لأن أحد «العزال» وربما أكثر من واحد تعمّد النبش في أرشيف منشوراته، ليستخرج منها ما يحول دونه ونيل ما ابتغى، كما أشارت تقارير إلى أن الخباز البالغ 42 عاماً والذي يعمل منذ 19 عاماً في فرنسا بعد مغادرته تونس، كان عرضة لاتهامات من موقع إلكتروني ذي توجهات يمينية متطرفة لنشره على شبكات التواصل الاجتماعي مواقف مكتوبة بالعربية تنطوي على انتقادات لفرنسا، مع أن محاميته قالت إن موكلها «تأثر بعمق» منذ ذلك الحين، «لتعرضه لسيل من تعليقات الكراهية».
بعد ما قرأناه أعلاه، لعلّه كان الأنسب القول في العنوان: «لا خبز تونسياً في الإليزيه»، هذا العام على الأقل، مع أن المخبز الفائز الموسوم «لي بولانجيه دو رويي»، شهد إقبالاً من زبائن جدد بعد إعلان فوزه.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"