«شؤون أدبية» 35 عاماً.. حنيناً

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

من باب الحنين إلى العمل الثقافي في ثمانينات القرن العشرين، وربما لمناسبة اقترحها على أصدقاء وكتّاب وشعراء من ذلك الزمن الجميل، كما يقولون، وهي مرور 35 عاماً على صدور العدد الأول من مجلة «شؤون أدبية» عن اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، وهي أولى مجلات الاتحاد، وسرعان ما انفتحت على الكتّاب العرب، وخاصة منذ عددها الثاني، واستقطبت في سنتها الأولى والثانية عشرات شعراء الوطن العربي. 
صدر العدد الأول من «شؤون أدبية» في خريف عام 1986 تماماً في مثل هذه الأيام، وكان المشرف العام على المجلة القاص والروائي علي أبو الريش المتدفق والحيوي والمقيم في الكتابة الأدبية والصحفية بكل مرونة وتفاؤل؛ لا بل إن هذا النوع من الكتّاب الذين لا يتوقفون عن مشروعاتهم الكتابية يعتبرون بمثابة أيقونات باعثة على التفاؤل الذي تصنعه الكتابة في حد ذاتها، فمن لا يتوقف عن الكتابة، لا يتوقف رمزياً وواقعياً عن الحياة. 
لم يكن للعدد الأول رئيس تحرير؛ بل مشرف عام كما قلت هو علي أبو الريش، وتولّى آنذاك الناقد والمترجم العراقي رعد عبد الخليل، مهمة سكرتير تحرير، وكان رعد من أنشط كتّاب الساحة الثقافية الإماراتية بوعيه ولغته الترجمانية، وحضوره الموصول في اتحاد الكتّاب، ولم يلبث أن هاجر إلى بلد أجنبي تاركاً لنا أثراً جميلاً حتى اليوم. 
تألفت هيئة التحرير في العدد الأول من سبعة كتّاب: د. أحمد سلامة، أمينة بوشهاب، حمدة خميس، عارف الخاجة، عبد الحميد أحمد، د. محمد حُوَّر، والدكتور محمد المطوع. 
بعض هؤلاء الكتّاب ما زالت الكتابة تسري في عروقهم. الشاعرة حمدة خميس ما زالت تقدّم بشارات ووعود الشعر متحدّية الزمن بالكتابة، ولكن توقف عن نهر الحبر من توقّف، وغاب من غاب واختفى من اختفى في الصحافة أو في الوظيفة أو في الصمت. 
العودة إلى لائحة هيئة التحرير في العدد الأول من المجلة مناسبة ثانية لدعوة من توقف عن نهر الحبر إلى العودة إلى السباحة في الكتابة من جديد، وهي دعوة عزيزة وغالية، ولكنها صعبة التحقق، كما يبدو، فالكثير من الكتابات المحلية تساءلت عن ظاهرة غياب الكثير من الكتّاب الإماراتيين وتوقفهم؛ بل وابتعادهم الإرادي الذاتي عن العمل الثقافي بمعناه الأدبي والإداري. 
في تلك الفترة الثمانينية شهدنا علاقة ثقافية وإبداعية مثمرة بين عدد من الكتّاب وعدد من الفنانين التشكيليين، خاصة أن جمعية التشكيليين الإماراتيين أنشئت في ذلك الوقت؛ أي في أواسط الثمانينات، وظهرت أساليب فنية جديدة في التشكيل مثل أعمال حسن شريف المفاهيمية والعائد آنذاك من بريطانيا محمّلاً بثقافة تشكيلية مختلفة عن السائد المحلي آنذاك، وسط عدد من التشكيليين العرب المقيمين في الإمارات مثل عبد الكريم السيد، الذي قدّم قراءات نقدية تشكيلية متخصصة ومثقفة في التجارب الفنية الإماراتية، ومن بين التشكيليين العرب الفنان المبدع محمد فهمي، الذي صَمَّم غلاف العدد الأول من مجلة «شؤون أدبية». 
هذه تداعيات حنينية إلى زمن وإلى أصدقاء وإلى مجلة في لحظة عودة حنينية أيضاً إلى مكتبة منزلية مهجورة، ولكن لم يقترب منها الغبار الذي يرمز إلى العتق والهرم والإهمال، فما دامت الكتب تُقرأ فإنها لا تموت.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"