عادي
شي جين بينج يتعهد باسترجاع الجزيرة سلماً.. والدور الأمريكي في مأزق

وضع قاتم بين الصين وتايوان.. والمفاجأة الصاعقة محتملة الوقوع

11:16 صباحا
قراءة 4 دقائق
1

كتب: المحرر السياسي

بدا الرئيس الصيني شي جين بينج، واثقاً من أن بلاده ستعيد تايوان إلى حاضنتها عن طريق «إعادة التوحيد» سلماً، في وقت تمر العلاقة بين الطرفين بوضع شديد القتامة يتراوح بين التصعيد المباشر والتهدئة الملغومة، وألقى بظلاله على مواقف الأطراف الأجنبية، وبينها الولايات المتحدة، التي تحاول أن تتخذ موقفاً لا يدعم تايوان مطلقاً، ولا يستفز الصين بحدة.

التوحيد لصالح الأمة

 قال شي جين بينج: إن قضية تايوان نشأت من الضعف والفوضى اللذين أصابا الأمة الصينية، وإن حلها سيتم مع تحول النهضة العظيمة للأمة الصينية إلى حقيقة واقعية. 

وتخضع تايوان والبر الرئيسي للصين للحكم بشكل منفصل منذ نهاية الحرب الأهلية قبل أكثر من سبعة عقود، عندما فر القوميون إلى تايبيه. وتعتبر بكين تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، على الرغم من أن الحزب الشيوعي الصيني لم يحكم أبداً الجزيرة الحليفة للغرب التي يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة.

وقال شي جين بينج، في قصر الشعب الضخم في بكين أمام صورة لصن يات صن، رائد الثورة الديمقراطية الصينية في العصر الحديث ومؤسس جمهورية الصين وحزب الكومينتانغ: إن «تحقيق إعادة توحيد الوطن الأم بوسائل سلمية يصب في المصلحة العامة للأمة الصينية بما في ذلك المواطنون في تايوان». 

وأضاف: «يجب ألاّ يستهين الناس بتصميم الشعب الصيني على الدفاع عن السيادة الوطنية وسلامة الأراضي. يجب تحقيق مهمة التوحيد الكامل للصين، وستتحقق بالتأكيد»، وتابع: «إن الشعب الصيني لديه عادة مجيدة بمعارضة النزعة الانفصالية».

تنازع على الشرعية

على الرغم من التنافس السياسي والتاريخي بينهما تستمد كل من بكين وتايبيه، شرعيتهما من ثورة 1911، التي أطاحت بآخر سلالة إمبراطورية. وأحيت الصين، أمس السبت، ذكراها ال110، في حين تحييها تايوان اليوم الأحد؛ حيث يعتبر صن يات صن أول رئيس صيني وحكم لفترة قصيرة، «أباً للأمة». وإحياء ذكرى الثورة من الأحداث القليلة التي توحد الصين وتايوان.

وتبنى شي جين بينج، نبرة أهدأ مما كان عليه في يوليو/تموز الماضي، عندما تطرق للحديث عن تايوان في آخر خطاب رئيسي، تعهد فيه بتحطيم أي محاولات للاستقلال الرسمي. ففي 2019، هدد بشكل مباشر باستخدام القوة لإخضاع الجزيرة تحت سيطرة بكين.  ويأتي خطابه الجديد بعد أسبوع من التوتر مع الجزيرة ، وهو ما أثار قلقاً دولياً، وبعد أن قال وزير الدفاع التايواني كيو كو تشنغ للصحفيين، الأربعاء الماضي إن الصين قد تكون قادرة على غزو الجزيرة على نطاق واسع حتى عام 2025. 

وقال مسؤولون أمريكيون في وقت سابق من العام الحالي إن هجوم الصين على تايوان قد يأتي في وقت أقرب مما كان يعتقد.

وفي رسالة الأسبوع الماضي،إلى الزعيم المنتخب حديثاً لحزب الكومينتانغ إريك تشو الصديق لبكين، قال شي جين بينج: «إن تحول تايوان إلى جزء من البر الرئيسي أمر لا مفر منه، والعلاقات بين الصين وتايوان قاتمة».

طلعات حربية واسعة

وتتزايد التكهنات بأن شيئاً ما سيحدث، بعد أن أرسلت الصين حوالي 150 طائرة حربية إلى منطقة الدفاع الجوي التايوانية الأسبوع الماضي، وتظهر بيانات تتبع الطلعات الجوية تغييراً في تركيبة مهام سلاح الجو للجيش الصيني، فبينما كانت طائرات الاستطلاع والمراقبة هي الأكثر استخداماً، أصبحت الطائرات المقاتلة مهيمنة الآن، كما زاد استخدام القاذفات القادرة على حمل أسلحة نووية.

ومثلما هو مألوف دخلت الولايات المتحدة على الخط، واتهمت بكين بسلوك نشاط عسكري استفزازي يزعزع الاستقرار ويقوض السلام الإقليمي. 

على الرغم من تواعد شي جين بينج والرئيس الأمريكي جو بايدن على عقد لقاء افتراضي قبل نهاية العام، فإن العلاقة بين الطرفين في وضع سيئ، خصوصاً إثر إعلان واشنطن ولندن وكانبيرا الشهر الماضي، عن شراكة أمنية جديدة، سميت «أوكوس»، تهدف إلى مواجهة سياسة وتصرفات الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. 

ومما يزيد الوضع قتامة، أن رد الصين «القوة العظمى الصاعدة» على إعلان «أوكوس» بدا فاترا بشكل مدهش يصعب معرفة أسبابه، ويذهب مراقبون إلى أن بكين تعمل على جبهة منفصلة، وتحاول عزل تايوان عن المسرح العالمي، وضمان خفض مكانتها في المجالات الدبلوماسية والاقتصادية الدولية تمهيداً لخطوة أخرى قد تكون مفاجئة وصاعقة.

خشية من غزو مفاجئ

تقول صحيفة «التايمز» البريطانية إن هناك خشية من أن قوة الصين العسكرية المتنامية قد تغريها بغزو تايوان، في ضوء اختلال توازن القوة نسبياً بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، والذي فاقم الشكوك في جاهزية واشنطن وقدرتها على الدفاع عن حلفائها عسكرياً. وترى الصحيفة أن الصين إذا ما نجحت في غزو تايوان، فإن ذلك سيكون بداية النهاية للدور الأمريكي وبداية الصعود الحتمي للصين كقوة بارزة في آسيا. 

وأشارت التايمز، إلى أن الحادث الذي تعرضت له غواصة نووية أمريكية في بحر جنوب الصين هذا الأسبوع، يذكّر بأن الحوادث العسكرية التي تقع وسط التوتر المتصاعد بين واشنطن وبكين، قد تؤدي إلى إشعال حرب بين البلدين.

وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، قد كشفت هذا الأسبوع، عن أن عسكريين أمريكيين دربوا الجيش التايواني سراً، لمدة عام على الأقل، من أجل تعزيز دفاعات الجزيرة ضد أي غزو صيني محتمل. وأضافت، أن 20 عسكرياً من القوات الخاصة الأمريكية ووحدة من جنود مشاة البحرية دربوا وحدات صغيرة من الجيش والبحرية التايوانيين، ولم تنف وزارة الدفاع الأمريكية الخبر، لكن مسؤولين أمريكيين أكدوا هذه المعلومات التي بقيت سراً، لكن يبدو أن الصين كشفتها وتتعمد تجاهلها، فيما يعتبر هذا التصرف الأمريكي إخلالاً بالتزامات واشنطن منذ إدارة الرئيس الأسبق جيمي كارتر، حين حولت الولايات المتحدة الاعتراف الرسمي من الحكومة في تايبيه إلى الحكومة في بكين، ومنذ ذلك الحين، تم تحديد علاقات أمريكا مع الصين وتايوان من خلال العديد من الاتفاقيات الدبلوماسية، إضافة إلى قانون العلاقات مع تايوان لعام 1979.

وبينما يراوح الوضع بين التصعيد والتهدئة، يجمع المراقبون على أن احتمال نشوب حرب مباشرة بين الولايات المتحدة والصين ضعيف، لكنه غير مستبعد، في حين يبقى السيناريو الأكثر ترجيحاً هو صراع في مضيق تايوان، لا يتجاوز حافة الجنون.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"