العراق والتغيير

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

بمعزل عن نتائج الانتخابات والأحزاب أو الكتل الفائزة، يمكن القول إن العراق نجح في إنجاز الاستحقاق الانتخابي، وهو إنجاز ديمقراطي يحسب للشعب العراقي، ولحكومة مصطفى الكاظمي التي وفت بوعدها في إجراء انتخابات مبكرة قبل موعدها بستة أشهر، وهي الخامسة منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، نزولاً عند رغبة آلاف المتظاهرين الذين نزلوا إلى مختلف شوارع المدن العراقية عام 2019 يطالبون بالتغيير والإصلاح واجتثاث الفساد.

لقد كانت الانتخابات فرصة للتغيير المنشود، والخروج من نفق الفساد والمحسوبيات، وتحقيق مطالب الجماهير المكتوية بنار الأزمة الاقتصادية والتضخم وارتفاع الأسعار وتدهور ظروف المعيشة، وشلل البنية التحتية، وتدني الخدمات الأساسية من صحة وتعليم.

وإذ كانت نسبة التصويت بلغت 41 في المئة، وفقاً للمفوضية العليا للانتخابات، من أصل 25 مليون ناخب يحق لهم التصويت، وهي نسبة لا ترتقي إلى ما كان مأمولاً لتحقيق فارق حقيقي يعزز عملية التغيير المرجوة، فإن عملية الانتخاب بحد ذاتها تمت بهدوء ومن دون مشاكل أمنية تذكر، كما تميزت بالشفافية، ومن دون تسجيل أي خروقات أو عمليات تزوير، وفقاً لما أكدته رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات، فيولا فون كرامون، التي قالت: «إن البعثة لم تسجل مشكلات من الناحيتين الفنية والتقنية في مراكز الاقتراع.. ولم تسجل البعثة أي خروقات منذ بدء التصويت».

وهذه شهادة لحكومة الكاظمي وللمفوضية العليا للانتخابات وللجنة الأمنية ونجاحها في التنسيق في ما بينها للخروج بالانتخابات بالشكل الذي خرجت به، والاقتصار على تسجيل 190 مخالفة من أصل 8273 مركزاً انتخابياً في مختلف المناطق العراقية، وهي مخالفات لم تؤثر في سير العملية الانتخابية، ولن تؤثر في النتائج.

يمكن القول إن العراق دخل الآن مرحلة جديدة تحمل شعار التغيير والإصلاح، لعل الطاقم الجديد من ممثلي الشعب يستطيع تحت قبة البرلمان ترجمة غضب جماهير العراق في مظاهرات 2019 إلى واقع، من خلال تحقيق الشعارات التي رفعها الشعب ولا يزال يصّر عليها ويأمل تحقيقها الآن بعد الانتخابات.

لكن التغيير الحقيقي لا يكون بإصلاحات اقتصادية واجتماعية فحسب، إنما بإصلاح سياسي يُخرج العراق من وباء الطائفية والمذهبية، ويضع حداً لسطوة بعض القوى والأحزاب والميليشيات، أي بوضع نهاية لنظام المحاصصة الكريه الذي أرساه الاحتلال الأمريكي، والعودة بالعراق وطناً لكل مواطنيه، ينعم فيه الجميع من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب بالمساواة والحرية والعدالة وتكافؤ الفرص.

هذا هو التحدي الحقيقي، وهذا هو التغيير المطلوب نتيجة هذه الانتخابات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"