نحو أزمة مياه عالمية

00:13 صباحا
قراءة 3 دقائق

نبيل سالم

مستقبل قاتم مملوء بالتحديات تنبأت به منظمة الأمم المتحدة للعالم في ظل أزمات المياه التي تواجهها العديد من الدول، ففي تقرير أصدرته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، مؤخراً، حذرت المنظمة الدولية من أن إدارة الموارد المائية العالمية «مشتتة وغير كافية»، وأن الدول يجب أن تتبني عاجلاً إصلاحات لتفادي أزمة مياه تلوح في الأفق.

بيتيري تالاس أمين عام المنظمة أكد «إن العالم يحتاج إلى الانتباه لأزمة المياه التي تلوح في الأفق».

تحذيرات الأمم المتحدة هذه تأتي في ظل تقديرات عن حالة المناخ للعام2021 تشير إلى أن عدد الأشخاص الذين يعانون عدم كفاية سبل الحصول على المياه سوف يزيد على خمسة مليارات إنسان بحلول عام 2050، مقابل 3.6 مليار إنسان في 2018. وطالبت المنظمة بمزيد من التمويل، واتخاذ إجراء عاجل لتحسين الإدارة التعاونية للمياه.

وتلفت التقارير الدولية النظر إلى أن 107 دول لا تزال بعيدة عن هدف الوصول إلى إدارة مستدامة لمواردها المائية بحلول عام 2030، مؤكدة الحاجة إلى نظم أفضل للتحذير من الفيضانات في آسيا، وأخرى للتحذير من الجفاف في إفريقيا، وأيضاً من تداعيات كبيرة على الأمن المائي، حيث إن 0.5% فقط من المياه على الأرض صالحة للاستخدام، ومتاحة من المياه العذبة.

واللافت للنظر أن هذه التقارير أنها تتزامن وتقارير أخرى مشابهة تتعلق بالمستقبل السكاني للوطن العربي، نظراً للزيادة المتنامية في عدد السكان، مع غياب خطط جدية لمواجهة التحديات المقبلة، فبحسب هذه التقارير فإن عدد السكان في الدول العربية مجتمعة سيقفز من 377 مليون نسمة إلى 686 مليون نسمة بحلول عام 2050. وأن بلداً كاليمن سيقفز بعدد سكانه من 27 مليوناً إلى 74 مليوناً، وأن السودان سيقفز بعدد سكانه من أربعين مليوناً إلى 80 مليوناً، فيما توقعت التقديرات أن يرتفع عدد سكان العراق من 36 مليوناً، إلى 81 مليون نسمة، وأن دولة فقيرة كالصومال سيرتفع عدد السكان فيها من 11 مليوناً إلى 27 مليوناً، وهذه الارتفاعات ستطال بالتأكيد معظم الدول العربية، ولا سيما تلك التي تشهد ما يشبه الإنفجار السكاني المقلق.

وما يزيد من حدة مشكلة قلة المياه في المنطقة العربية أن أنهارها الكبرى تنبع من خارجها. فدجلة والفرات ينبعان من الأراضي التركية، والنيل ينبع من بحيرة فيكتوريا، وبالتالي تبقى دول المصب تحت رحمة دول المنبع بقدرتها على تنفيذ مشاريع تقلل، أو حتى تمنع وصول إمدادات المياه، كما هو الحال في سوريا والعراق اللتين تعانيان مشكلات مائية بسبب بناء تركيا وإيران سدين على أراضيهما تسببا بتقليص إمدادات المياه في النهرين، في حين تشتد وتتفاقم أزمة سد النهضة بين إثيوبيا ودولتي المصب، مصر والسودان.

وكما هو معلوم، تعرف المنطقة العربية بمثلث العطش لأنها تضم أقل من 7% من مخزون المياه العالمي، وتعد منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق التي تعاني ندرة المياه، زد على ذلك ما تعانيه من أزمات ونزاعات مسلحة تعرقل الوصول إلى اتفاقيات المياه العابرة للحدود، والإدارة غير المستدامة للمياه، والتدهور البيئي واسع النطاق.

وتحدد منظمات دولية، قائمة بسياسات ينبغي اتباعها لمواجهة انخفاض الموارد المائية وقت الأزمات. ومن ضمن هذه السياسات العمل مع مقدمي الخدمات لإعادة تأهيل الآبار القائمة بدلاً من حفر آبار طوارئ جديدة، وتحسين إدارة مياه الأمطار، والعمل على تقليل مستويات التلوث من خلال معالجة مياه الصرف الصحي، لكن هذه الإجراءات تبدو شبه غائبة في ظل استمرار النزاعات المسلحة، وما ينتج عنها من عرقلة للمشاريع المائية والتنموية الأخرى.

أمام هذا الواقع من الضروري أن تجابه المنطقة العربية التحديات التي تفرضها ندرة المياه، وأن تتصدى لها بجدية، عبر انتهاج سياسات اجتماعية واقتصادية وإدارية تقنن الاستخدامات المختلفة للموارد المائية وإمدادات المياه، وسبل إدارتها وتطويرها، بما يحقق قدراً أكبر من الفاعلية والاستدامة والإنصاف وبشكل استراتيجي، وإلا فنحن على موعد مع أزمات وصراعات أكبر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"