الساسة حين يصبحون كُتّاباً

00:25 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن

يندر أن يجمع قادة الدول بين مهارات السياسة وموهبة الكتابة، لكن ثمة استثناءات غير قليلة، ولعّل أبرز من يحضرون إلى الذهن ممن جمعوا بين الأمرين اسم رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، أحد أبرز الساسة في فترة الحرب العالمية الثانية وما بعدها، حيث كان كاتباً متمكناً حتى أنه نال جائزة «نوبل» للآداب عام 1953 «لإتقانه الوصف التاريخي، ولأسلوب خطابته المذهل».
من الأسماء التي تحضرنا أيضاً الرئيس التشيكوسلوفاكي الأسبق فاتسلاف هافيل، قبل انفصال سلوفاكيا عن التشيك، وهو الأمر الذي لم يكن يحبذه، لكنه حدث، ويومها تحدثت «بي بي سي» عما وصفته المأزق الذي يجد فيه الأديب نفسه حين يصبح في خندق السلطة، «ففي عالم الفن يتسع الفضاء لطيف واسع من الأفكار والمواقف، أما في موقع السلطة، فأمام الفنان المرهف خياران: إما فقدان جزء من حساسيته للألوان مقترباً من ثنائية الأبيض والأسود، أو العيش في مأزق فلسفي دائم».
رغم هذه الجفوة بين الأدب والسياسة، فإنه بات ملحوظاً أن الكثير من الرؤساء السابقين، والأمريكان منهم خاصة، يتحولون إلى «كُتّاب» بعد أن تنتهي ولاياتهم الرئاسية، ووضعنا مفردة كُتّاب بين مزدوجين، لأن ما يحدث بالضبط هو أنهم يستعينون بكتّاب آخرين، أو محرري سيّر كي يكتبوا مذكراتهم، التي تحقق مبيعات مرتفعة، بسبب جودة التسويق أولاً، وبسبب فضول القراء في التعرف إلى جوانب من حيوات هؤلاء الساسة، والوقوع على «أسرار» من دنيا السياسة.
ليس الرؤساء السابقون وحدهم من يعمدون إلى كتابة ونشر مذكراتهم وسيرهم الذاتية بعد مغادرتهم مواقعهم، وإنما زوجات البعض منهم، كما فعلت ميشيل أوباما زوجة الرئيس الأمريكي الأسبق، حيث تناولت في مذكراتها علاقتها بزوجها منذ أن تعرفت إليه، قبل أن تعرج على عوالم السياسة التي وجدت نفسها فيها حين أصبحت «السيدة الأولى».
على خلاف ميشيل أوباما، فإن هيلاري كلينتون لم تكن مجرد زوجة رئيس الولايات المتحدة، وإنما كانت سياسية بارزة، حيث نافست أوباما نفسه على نيل ترشيح الحزب الديمقراطي لمنصب الرئاسة، ونافست الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة، وفي الفاصل بين الحدثين اللذين كانت فيهما خاسرة، اختارها أوباما وزيرة للخارجية في إدارته.
بعد «خيباتها» السياسية تحوّلت كلينتون إلى كاتبة، فبدءاً من عام 2017 ألفت كتباً عدة، من بينها كتاب يسرد أحداث السباق الرئاسي بعنوان «كتاب عن امرأة جريئة»، وهو كتاب للأطفال ألفته مع ابنتها، قبل أن تتعاون مع صديقتها القديمة مؤلفة الروايات البوليسية لويز بيني، في تأليف رواية «حالة الإرهاب» التي باتت، أمس، على رفوف المكتبات.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"