لنضع الخلافات في سياقها

00:24 صباحا
قراءة دقيقتين

معظم المشاكل البينية التي تحدث وتكبر وتتشعب، تعود جذورها إلى اختلافات طبيعية، لكن وبسبب عدم فهم آلية تلك الاختلافات وعفويتها، تحدث الهوة وتتزايد المتضادات التي تبعد الكثيرين عن أحبتهم. لو قدر ووضعنا الاختلافات في سياقها الطبيعي، وأنها جانب حياتي لا مفر منه، بل لها حتمية وسطوة على واقعنا، فإننا سننظر إلى أي اختلافات مع الطرف الآخر وكأنها أمر عابر واعتيادي، وعندها لن تحدث مشاكل كبيرة ولن تتفرع تلك الخلافات العفوية البسيطة لتصبح كالكارثة في العلاقة الإنسانية التي تجمعنا. 
أدعو لدراسة الاختلافات وفهمها، نحتاج لتوعية في هذا السياق، أن نبني شخصياتنا على تفهم الطرف الآخر وأنه سيختلف معنا الآن أو غداً أو بعد غدٍ، سيختلف في أي مجال من مجالات الحياة الكثيرة جداً والمتعددة والمتنوعة.
 أعتقد أنه إذا تم فهم هذه الآلية وطريقتها،  سيتم غمر الكثير من المشاكل والتي أصبحت دون حلول، سنتلافى الكثير من حالات الانفصال والتباعد التي تحدث في داخل الأسر وبين الأزواج، سنتجنب الكثير من حالات الصراخ والعراك اللفظي التي تحدث داخل منازلنا، فضلاً عن هذا، سيعم الهدوء حياتنا بصفة عامة، بل إننا سنكون أكثر قدرة على التفاهم والتلاقي.
 البعض يعتبر أن  صفة الواقعية تنطبق على الاختلافات أكثر من أية صفة أخرى، بل إنها ماثلة وموجودة في حياتنا بشكل واضح أكثر من أي جوانب حياتية أخرى، ولعل ما قاله الروائي الشهير والكاتب والمؤلف فيودور دوستوفسكي، يحمل بعض الصحة، عندما قال: «إن الحب ينقضي، ويبقى الاختلاف». المشاعر الإنسانية بصفة عامة متبدلة ومتنوعة، ولكن الاختلافات تبقى ماثلة في حياتنا، ستجدها في بيئة العمل وبين الأصحاب والأصدقاء، وستجدها داخل الأسر بين الإخوة والأخوات وبين الأزواج، ببساطة متناهية لا يمكن أن تجد مجتمعاً بشرياً إلا وتجد فيه نوعاً من أنواع الاختلافات والتباين، وهذا ليس شراً أو ليس خطأ، بقدر ما هو  نعمة كبيرة على البشرية، لأنه دائماً ينتج عن مثل هذا التباين والاختلاف مبتكرات ومخترعات، ويحدث تطوير. فضلاً عن هذا تعدد الآراء، وإن اختلفت ينم عن تعدد الحلول والمخارج، وبالتالي يصبح الاختلاف قوة وزخماً جديداً.
لنجعل مشاكلنا البينية في حدها الأدنى، فإننا نحتاج لوضع مساحة نتفهم فيها الاختلافات وأن يكون لدينا وعي بأنها ليست خياراً وإنما هي جزء من واقعنا الحياتي.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"