عادي
نظام يعتمد على الفطرة السليمة

ريهام شمس الدين: التغذية الحدسية تصالح مع الطعام

23:11 مساء
قراءة 4 دقائق
الشارقة: زكية كردي
«مفهوم التغذية الحدسية بسيط جداً، يقوم على التصالح مع جميع أنواع الطعام، على عكس الأنظمة الغذائية التقليدية الأخرى، التي تقيد أو تحظر بعض الأطعمة، فالأكل الحدسي يتطلب التوقف عن التفكير في الطعام على أنه جيد أو سيئ، والإنصات إلى ما يحتاج إليه الجسد من هذا الطعام».. قد تبدو هذه المقدمة عن التغذية الحدسية بسيطة كما قدمتها لنا أخصائية التغذية د.ريهام شمس الدين، لكن الأمر حقيقة ليس بهذه السهولة، مع النظر إلى كل المؤثرات التي تتعرض لها أفكارنا تجاه الطعام يومياً، ومنذ الطفولة المبكرة، كما تخبرنا هنا..
تشير د. شمس الدين إلى أن هذا النظام الغذائي يحوي قوانين عدة، تدور حول رفض عقلية الأنظمة الغذائية القاسية، وفكرة «الدايت» ككل، والإنصات للجسد وحاجاته الغذائية، وعدم التغاضي عن الأكل عند الإحساس بالجوع، كما يدعو إلى التصالح مع الطعام والتخلص من الخوف منه، واحترام حاجات الجسد مع تعلم التعامل مع إحساس الشبع، وتعلم التعامل مع العواطف، وفك شيفرة ربط المشاعر بالطعام.
صعوبات التطبيق
وعن الصعوبات التي نواجهها في تطبيق هذه الطريقة في التعاطي مع الطعام، تقول: عند محاولة الاعتماد على هذه الطريقة لا بد من الاصطدام بما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وأيضاً المصادر الكثيرة للمعلومات التي تدعونا للتوقف عن أنواع كثيرة من الطعام لكونها تؤذينا، وتساهم بشكل كبير في زيادة الوزن وتعرّضنا للعديد من الأمراض، تضاف إليها الثقافة والمخزون الفكري لدينا متضمناً العادات والأفكار التي نشأنا عليها بخصوص الطعام الصحي والطعام غير الصحي، وأيضاً عادات الطعام ذاتها، ومنها تشجيع الطفل على تناول كل ما في طبق الطعام وربط هذا السلوك بالمكافأة، وهذا ينمي العلاقة ما بين المشاعر وتناول الطعام، لهذا يعاني الكثيرين من الجوع العاطفي الذي يصعب تمييزه عن الجوع الحقيقي، وبالتالي تصعب السيطرة عليه في البداية، وتوضح أن مواجهة إغراءات العروض الكثيرة التي تتحدث عن سهولة خسارة الوزن بسرعة تبعاً لحمية أو دواء معين، ورغبة التشبه بالنجوم تعتبر من العوائق الوهمية المهمة، والتي ينبغي أن نكون واعين للتحرر منها لنتمكن من الإنصات لأجسادنا بشكل طبيعي ومعرفة ما تحتاج إليه من غذاء من دون تأثير المشاعر، ومن دون تأثير أحكامنا المسبقة على أنواع الطعام، إضافة إلى أهمية التدرب على التركيز على الشبع الحقيقي، وهذا ما يحتاج إلى التركيز على الطعام فقط، عند تناول الطعام وعدم ربطه بأي نشاط آخر، حتى إن كان مشاهدة التلفاز فقط ،أو التحدث مع أحد، وأن نراعي أن تتضمن المائدة جميع الأصناف الغذائية من بروتينات وكربوهيدرات وسكريات.
معتقدات خاطئة
وتضيف د. شمس الدين: الكثير من الناس لديهم معتقدات خاطئة بخصوص الحلويات، لهذا أقول إنها يجب أن تكون موجودة على مائدة الطعام لا بعد تناول الطعام بفترة لنختار بحرية ما نحتاج إليه من مختلف أنواع الطعام، من دون التفكير في السيطرة الصارمة على إحساسنا بالطعام وفرض الحرمان على أجسادنا.
وعن طريقة التمييز ما بين حاجة الجسد الطبيعية وبين الحاجات المرتبطة بالعادات، كاعتماد الكثير من الشعوب في عاداتها الغذائية على الخبز والأرز في وجباتها، تقول: إلغاء أي صنف غذائي يشكل خللاً في مصادر الطاقة في الجسم، على الرغم من حقيقة تأثير العادات في خياراتنا الغذائية، لهذا علينا أن نتعلم كيف نوازن طعامنا بحيث نأكل من جميع الأصناف بالكميات التي تناسب أجسادنا من دون هوس التفكير في الحريرات الذي يبقينا مرتبطين بالتفكير في الحميات العشوائية، فلكل شخص كمية تناسبه هو دون غيره، ولا يوجد مقياس ثابت للجميع، وهذا يتعلق بالعمل والحركة ونمط الحياة، والأهم أن ننتبه إلى فكرة اعتماد نمط حياة دائم، لا اعتماد نظام غذائي مؤقت يخلّصنا من الوزن الزائد خلال فترة محددة لنعود إلى طبيعتنا وعاداتنا من جديد.
عالم طبيعي
توضح د. شمس الدين: عند الحديث عن الغذاء الحدسي نحن نعود ذهنياً إلى الفطرة الأولى للإنسان، وتحديداً إلى الإنسان القديم الذي وجد نفسه في عالم طبيعي بالكامل، عكس عالمنا اليوم الغني بالخيارات المغرية من الأغذية المصنعة غالباً، وهنا يصعب التمييز ما بين حاجاتنا وعاداتنا التي نشأت بالأصل متكئة على هرم غذائي مصطنع بالأصل، فهل تستطيع بوصلتنا الداخلية التمييز بين الحاجات الحقيقية مع كل هذا التشويش؟
وتجيب: «الطعام لا يسبب الموت»، لهذا علينا أن نتعامل مع الطعام بذكاء، ونعرف ما نأكله، وهنا تأتي أهمية التأثر بالأفكار الرائجة حول الأغذية، ومدى تأثر الناس بها، فليست كل منتجات الأورجانيك صحية بالضرورة، وليست كل المنتجات الخالية من السكر غير مؤذية، علينا أن نقرأ جيداً ما هو مكتوب على هذه المنتجات، والأهم أن نتعامل مع الأمر بهدوء واتزان.وتشير د. ريهام إلى أن البدء بالحفاظ على هذا التواصل الحسي مع حاجات الجسد منذ الصغر يعتبر أمراً هاماً جداً، وتقول: اعتدنا أن نرى معظم الأهالي يتعمدون حرمان أطفالهم من الحلويات بدافع الحفاظ على صحتهم، وهذا يدفع الأطفال للأسف إلى تناولها خفية، أو تناولها بكميات كبيرة عندما تحين الفرصة كرد فعل طبيعي على الحرمان، إضافة إلى الربط المعروف بين الحلويات والمكافأة، فكثيراً ما تكون قطعة الشوكولا هي المكافأة عند إنجاز المطلوب من الطفل، وبالتالي تصبح لها قوة عاطفية وهمية كبيرة لديه.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"