عادي
أوراق قضائية

لوعة الفراق

23:00 مساء
قراءة 3 دقائق
محكمة

كتبت: آية الديب

بعد زواجهما تحولا إلى شخص واحد، تشاركا كل شيء يمتلكانه، وواجها المشاكل والتحديات معاً، ووسط المشاكل والصعاب كانا يتبادلان أجمل مشاعر الحب والود، واشتدت ظروف الحياة عليهما ولاسيما بعد إنجاب طفلهما الثاني فاضطر الزوج إلى السفر للعمل بالخارج، وتوفير حياة كريمة لزوجته وأبنائه ووالده.

امتلأ قلب الزوجة بمشاعر الوحدة والشوق والحنين والشعور كذلك بقلة حيلة زوجها، وحاجته إلى الدعم وإلى من يقف بجواره في غربته، ويخفف عنه وحدته، فكانت دائماً تتحدث إليه وتذكره دوماً، بأن لديه زوجة تحبه وتدعمه وتنتظر عودته، وأسرة تستحق أن يتعب في عمله من أجلها.

وذات يوم رأت زوجها في الحلم وكأنه يناديها، وحرمت من النوم باقي ليلتها، وبعثت له برسالة على برنامج للتواصل الاجتماعي كتبت له فيها «أعترف لك بمدى صعوبة تحملي للحياة من دونك اشتقت إليك وإلى ملامحك وصوتك فما أحوجني إليك هذه الأيام فأنت السند لي ولأبنائنا».

وتأخر الزوج في الرد على الرسالة التي بعثتها له، وفي البداية توقعت تأخره في الرد نظراً لفرق التوقيت بين بلديهما الأم والإمارات، التي سافر الزوج للعمل والعيش فيها، إلا أن تأخره في الرد على رسالتها دام يومين، فتملكها شعور بالقلق.

وفي اليوم التالي توجهت لمنزل والد زوجها لتخبره بانقطاعه عن التواصل معها ومع أبنائه، وما إن دخلت إلى منزل جد أبنائها حتى وجدته جالساً على الأرض منهمكاً في البكاء، فقررت تأجيل إبلاغه للاطمئنان عليه أولاً.

حاولت إيقافه عن البكاء إلا أنه ظل يبكي مردداً اسم زوجها، حينها علمت أنه أصابه مكروه، وظلت تكرر سؤالها ما الذي أصابه ما الذي أصابه، وكلما تسأل يزيد بكاء الأب، فانهمكت في البكاء معه، واحتضنها وأبلغها بوفاته.

مرت أيام لم تتمكن فيها من النوم ولازمتها الدموع، فقد فقدت رفيق مسيرتها وصار لزاماً عليها أن تبدو قوية من أجل أبنائها الصغار، فقد أصبحت أماً وأباً بالنسبة لهم، وبعد مرور فترة بدأت الأسرة الاعتياد على غياب فقيدهم إلا أن أعباء الحياة أثقلت كاهلهم فالفقيد كان المعيل الوحيد.

ورفعت الأسرة دعوى جزائية على الشركة التي كان يعمل بها فقيدهم، وصدر فيها حكم نهائي بات يثبت خطأ شركته، وتسببها في وفاته لعدم توفيرها وسائل السلامة اللازمة للحماية من أخطار العمل مما نتج عنه وفاته.

بعدها نصحهم أصدقاء المتوفى برفع دعوى مدنية للحصول على تعويض يضمن لهم عيشة كريمة، فرفع الورثة الدعوى، وأشاروا فيها إلى أن وفاة الأب أضرت بهم على نحو فادح وتسببت بلوعتهم وفقدانهم مورد الرزق الوحيد، وأنهم أصبحوا بلا منفق، كما يحق لهم الحصول على تعويض أدبي عن شعورهم بالحزن والفجيعة والمعاناة النفسية التي يتعرض لها الشخص بسبب موت عزيز عليه، ولاسيما أن أطفاله هم أطفال صغار حرموا عطف ورعاية والدهم، وأن أمهم باتت زوجة تعاني شقاء الوحدة وجهد الوفاء بتكاليف وواجبات الأسرة، إلى جانب فقد أب ذهبت زهرة فؤاده.

وقضت المحكمة بإلزام الشركة التي كان يعمل بها معيلهم بأن تؤدي لزوجة المتوفى وللجد بصفته الولي عن أبناء المتوفى القاصرين مئتي ألف درهم، تعويضاً مادياً يوزع بالسوية فيما بينهم، كما ألزمت الشركة كذلك بتعويضهم بمبلغ 200 ألف درهم تعويضاً أدبياً يوزع بالتساوي فيما بينهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"