عادي

تضخم «شرينكفلايشن».. المزيد من الهواء في العلبة

00:50 صباحا
قراءة 3 دقائق
علب سينامون توست كرانش 18.8 أونصة من جنرال ميلز على رف سوبر ماركت في فيرجينيا. المزيد من الهواء في كيس الرقائق مع تفشي تكتيك إخفاء الزيادات في الأسعار. (أ.ف.ب)

هل وجدتم كمية أقل من رقائق الحبوب في العبوة؟ هذا ما يحدث من خلال ما يصطلح على تسميته «تقليص حجم العبوة»، وما لجأت إليه تقليدياً شركات تصنيع المواد الغذائية لإخفاء الزيادة في الأسعار، وما عادت إليه حالياً مع طفرة التضخم التي أعقبت الجائحة.

يقول أكبر متتبع لظاهرة يرصدها منذ ربع قرن إدجار دورسكي، إنه أحصى عشرات المنتجات التي قلصت حجمها في الأشهر الأخيرة، من لفائف ورق الحمام، إلى عبوات رقائق الحبوب، إلى طعام القطط. أما الأسعار فما زالت على حالها.

وفي سبتمبر/ أيلول، تطرقت شركة جنرال ميلز العملاقة للأغذية الزراعية، إلى التكاليف المرتفعة وارتفاع سعر المواد وأيضاً العمالة لتبرير الزيادات التقليدية في الأسعار، وكذلك بنية حزمة الأسعار، وهو مصطلح تقني يُقصد به تعديل كمية السلعة، ويُسمى كذلك «شرينكفلايشن».

ولكن إذا كان عدد من المستهلكين يشكون بصوت خافت من الأمر قبل 20 عاماً، فإن الأمر صار اليوم، مع الإنترنت، مسألة عامة، كما يقول إدجار دورسكي. فعلى الشبكة الاجتماعية ردِيت، شُكلت مجموعة باسم «شرينكفلايشن» تضم 14500 عضو يشاركون اكتشافاتهم من السلع التي تقلص حجمها على نحو مرح، أكثر من كونه للاحتجاج.

ويوضح جوناثان كو، مصمم البرمجيات في ولاية أوريجون لوكالة فرانس برس: إنه سلوك ماكر، لأن تقليل الحجم أقل وضوحاً من زيادة الأسعار.. هناك وقت بين شراء المستهلك للمنتج وإدراكه أنه تعرض للخداع. هذا يجعل المناورة أسوأ من رفع الأسعار.

ويقول بيار شاندون أستاذ التسويق في معهد إنسياد الأوروبي لإدارة الأعمال، إن هذا الشعور بأنك ضحية احتيال «ينبع من أن معظم المستهلكين لديهم فكرة مشوشة بأن الكميات موحدة ومنظمة... وبما أننا نفترض أن الوزن ثابت، فإننا لا نتحقق منه».

«مشترون سيئون»

ويقول جوناثان كو «بالنسبة إلي، من الواضح أن هذا يمثل مشكلة... ولكن، لدي أيضاً انطباع أننا كمستهلكين لسنا متفقين... وأنه لا يوجد ما يمكننا فعله».

بدوره يقول براين جونسون، محلل البيانات البالغ 52 عاماً، إن «الشركات تفعل ذلك لأن المستهلكين لديهم سعر في أذهانهم لمنتج معين، بناء على سنوات من الخبرة».

فقد فوجئ جونسون المقيم في ولاية أوريجون، عندما رأى أن عبوات الآيس كريم محلية الصنع من علامة تيلاموك انتقلت من 1,65 لتر إلى 1,42 لتر.

يقول إدجار دورسكي: «إنهم لا يفعلون ذلك باستخفاف. لقد وضعوا في الاعتبار تكاليف (إعادة معايرة السعر) وإذا وجدوا أن 0,5% من المستهلكين يشكون من ذلك، فإنهم سيرسلون لهم قسائم مجانية تجعلهم يواصلون شراء» السلعة ذاتها.

ومن ثم، لا يوجد مثال على منتج امتنع عدد كبير من المستهلكين عن شرائه بعد تقليص حجمه. فأعضاء المجموعة التي شكّلت على ردِيت لا يدعون تقريباً بتاتاً إلى مقاطعة العلامة التجارية.

يقول بيار شاندون: «ربما تعلّمنا أنه أمر معتاد وأنه إذا تم خداعنا، فذلك لأننا كنا مشترين سيئين».

إلى جانب السعر، يأسف براين جونسون أيضاً لما يسميه «فوضى التغليف»، ويقول «إذا استمرت (الشركات) في جني الأرباح، فسوف تواصل فعل ذلك».

ويشير أناند كريشنامورثي، أستاذ التسويق بجامعة سنترال فلوريدا، إلى أنه بمجرد انقضاء فترة التضخم، «لا يوجد حافز» لدى العلامات التجارية لإعادة المنتجات إلى حجمها الأصلي. ومن ثم يصبح التغيير في الواقع نهائياً.

ومع ذلك، فهو يحذّر من مهاجمة صناعة الأغذية من دون غيرها ويؤكد أن الأمثلة كثيرة في العديد من القطاعات الأخرى. ويشير إلى تراجع مساحات الشقق السكنية، وتصميم سيارات مدمجة صغيرة، أو تصميم الطائرات لاستيعاب عدد أكبر من الركاب من ذي قبل في كل متر مربع.

لكن بيار شاندون يرى أن هذه الحركة قد تكون لها فائدة على الصحة. ويقول «نعلم أنه كلما زاد الحجم، تناولنا كمية أكبر من الطعام»، ومع تقليص حجم العبوات بعد اللجوء إلى تضخيم أحجامها على مدى عقود، «ها نحن نعود إلى ما كان حجماً طبيعياً منذ وقت ليس ببعيد».

(أ ف ب)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"