حياة ستيفنسن.. مخيّلة مانجويل

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

«ستيفنسن تحت أشجار النخيل»، هي ثاني رواية أقرأها لألبرتو مانجويل، بعد روايته «عودة». والروايتان صدرت ترجمتهما عن «دار الساقي»، لمترجمين مختلفين، فيزن الحاج هو من ترجم «عودة»، فيما ترجم الرواية موضوع حديثنا هنا جولان حاجي، وهي كما سابقتها، تدخلنا إلى ما يمكن وصفه ب «العالم الروائي» لمانجويل، الذي أبهرتنا كتبه الممتعة حول القراءة، وأشهرها «تاريخ القراءة»، «المكتبة في الليل»، «يوميّات القراءة».
محقّة دار النشر التي أصدرت ترجمة الروايتين إلى العربية حين وصفت ألبرتو مانجويل بأنه «مؤلف موسوعي مشهود له عالمياً ومترجم وكاتب مقالات وروائي»، وهذه «الموسوعية» تتجلى في شغله الروائي، فإذا كانت «عودة» تحكي قصة رجل مهاجر يعود من البلد الذي هاجر إليه، إيطاليا، إلى وطنه الأرجنتين، الذي هو بالمناسبة مسقط رأس مانجويل نفسه، قبل أن يهاجر إلى كندا ويحصل على جنسيتها، فإنه في «ستيفنسن تحت أشجار النخيل» اختار أن يجعل من سيرة الكاتب الإسكتلندي روبرت لويس ستيفنسن رواية، يحضر فيها الكثير من الحقيقة، كما يحضر فيها الكثير من الخيال أيضاً حتى وإن كان مستوحياً من المنتج الروائي لستيفنسن.
تقول سيرة ستيفنسن إنه أبحر مع زوجته الأمريكية فاني أوزبورن إلى جزيرة ساموا في جنوب المحيط الهادي، وهناك قرر الاستقرار فيها، حيث اشترى بيتاً أقام فيه مع زوجته وولديها من زواج سابق ووالدته، لأنه وجد في جو الجزيرة الدافئ ما يعين رئتيه المتعبتين على التنفس، وبقي هناك حتى موته الفجائي.
وظفّ مانجويل هذه الوقائع من حياة ستيفنسن في الجزيرة في روايته، وولج إلى دهاليز حياة الكاتب الشخصية، لكنه دفع بمخيلته مسار الرواية إلى فضاءات أخرى، لم ترد في السيرة الفعلية لستيفنسن، فالرواية التي هي شأن رواية مانجويل «عودة»، صغيرة الحجم، وتصنف في خانة ما يعرف ب«النوفيلا»، توظف أيضاً وقائع رواية ستيفنسن «الحالة الغريبة للدكتور جيكل والسيد هايد»، في نوع من التناص معها في الشخوص والأحداث.
لن يكون سهلاً التمييز بين الخيال والواقع في الرواية، فحياة ستيفنسن في الجزيرة التي اختارها لنفسه موطناً لن تعود هانئة كما بدأت، حيث وقعت فيها عدة جرائم، وجد الرجل نفسه «متورطاً» فيها من حيث لا يعلم، فمن قام بها قرين له، اختار له الكاتب اسم «بيكر» لم يكن أحد يراه سوى البطل نفسه، متعمداً أن يترك من الآثار ما يجعل توجيه التهمة لستيفنسن لا مفرّ منه، حاملاً إيانا على تصديق ذلك، ف«في هذا الجزء من العالم تصبح القصص التي ترويها جزءاً من الواقع»، كما يقول مانجويل في الرواية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"