ألوان «إكسبو» القزحيّة

00:48 صباحا
قراءة دقيقتين

مثلما الزيّ والمعمار والموسيقى، وحتى الأقمشة والعطور والفولكلوريات الشعبية الحرفية تعكس معاً ثقافات شعوب العالم، تعكس الألوان أمزجة الشعوب وأذواقها البصرية، وجانباً من ثقافاتها الجمالية.
الألوان هُوّيات أيضاً، وقد نقرأ هوية كل دولة خلال ألوان العلم الوطني لهذه الدولة، وما ترمز إليه ألوان العَلَم وما تُحيل إليه ثقافياً وجمالياً ووطنياً وتاريخياً في إطار تشكيلي جمالي مثبّت على القماش.
للألوان دلالات ورمزيات ميثولوجية، ومعتقداتية أيضاً، فاللون الأبيض، مثلاً، وراءه تاريخ من الإشارات والإحالات الأسطورية وحتى الدينية، واللون الأسود يكاد يوازي اللون الأبيض أو يماثله أو يناقضه في بعض الحالات الثقافية لدى الشعوب.
وكذلك اللونان الأخضر والأحمر، لا بل إن اللون الأحمر في مرحلة الاتحاد السوفييتي كان لوناً أيديولوجياً إن جاز الوصف، وفي بعض الأشعار «اليسارية» جرى توظيف هذا اللون في سياقات سياسية واضحة الدلالات والرمزيات.
اللون كما هو إشارة ثقافية، جمالية وحتى وطنية، هو أيضاً بهجة للعين تنطوي على ما يشبه الرياضة البصرية؛ بل الثقافة البصرية. لون الصحراء مثلاً يُحيل إلى التأمل والبراءة. لون البحر يُحيل إلى الشفافية والغنائية الشعرية في الكثير من قصائد شعراء العالم.
اللون أيضاً احتفالية شعبية جماعية تتوحّد فيها أرواح الناس؛ بل تتآلف وتلتقي ثقافاتهم من خلال هذا المهرجان اللوني العالمي.
اللون، أيضاً، يعكس نفسية الإنسان؛ بل ويعكس أحياناً لغة روحه ولغة دواخله التي يظن أنها في مأمن وبعيدة عن القراءة السيكولوجية لشخصيته، وفي كل حالات اللون هو أوّل ما تقع عليه العين، وأوّل ما يفسّره القلب.
كل هذه التداعيات الثقافية والبصرية تحيط بك وأنت تدخل جماليات «إكسبو 2020 دبي» وفي الدرجة الأولى يحيلك مهرجان الألوان هذا في دبي إلى إيقاظ قراءاتك الثقافية وما لديك من مخزون فني تشكيلي؛ بل تحيلك عبقرية الألوان في «إكسبو» الإمارات، و«إكسبو» العالم إلى المزج الطبيعي اللوني الأول الذي رآه الإنسان وشغف به: «قوس قزح».
يتألف قوس قزح من عدة ألوان، منها ألوان حارّة، ومنها ألوان باردة كما يفسر التشكيليون، ويأتي هذا التكوين اللوني الذي صنعته الطبيعة، وشغف به الإنسان من تلاقي أشعة الشمس بالماء، أو مصافحة الشعاع الشمسي لقطرات الماء.
هذا من حيث التفسير العلمي لكيفية نشوء قوس قزح، ولكن من حيث رمزية الألوان في «إكسبو» وتلاقي دلالاتها الثقافية في هذا الحدث العالمي الثقافي والفني والاقتصادي، فهنا في وطن التسامح والتعايش، وفي مدينة اللون والجمال، يتألف قوس قزح عالمي بألوان وثقافات وأعلام وأزياء وحرفيات وشعبيات 192 بلداً حول العالم.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"