عادي

مقدونيا الشمالية.. جوهرة البلقان

21:18 مساء
قراءة 5 دقائق
جولة على ظهر الخيل
المسرح التاريخي في أوخريد
السوق القديم في سكوبي
وادي ماتكا
مهرجان زفاف جاليشتنيك السنوي
كنيسة سانت نيكولاس المغمورة

إعداد: هشام مدخنة

تحتضن مقدونيا الشمالية آلاف السنين من التاريخ والثقافات المتنوعة، فهي كالجوهرة المخفية في شبه جزيرة البلقان، وواحدة من أكثر البلدان جمالاً في القارة الأوروبية والعالم لطبيعتها الخلابة ووجهاتها السياحية الشائقة، إنها جمهورية مقدونيا الشمالية.

وعلى الرغم من أن زوارها سيبوحون بتفاصيل تجاربهم السياحية الممتعة واللحظات الساحرة التي أمضوها للأهل والأصدقاء، إلا أن جمال هذا البلد الاستثنائي بتفاصيله الصغيرة، يُعد سراً لا يمكن مشاركته بهذه السهولة.

فإذا كنت ترغب بوجهة غير مزدحمة، وبأسعار معقولة تعود من خلالها إلى أجواء طال انتظارها هذا العام، فإليك بعض الأسباب التي تجعل مقدونيا الشمالية تتصدر قائمة رحلاتك المقبلة

تقع مدينة سكوبي على نهر فاردار، أطول أنهار مقدونيا الشمالية وأحد شرايينها الحيوية الرئيسية، وعدا عن كونها عاصمة البلاد، فهي مركز الدولة الاقتصادي والأكاديمي ونقطة تصدير أوروبي مهمة، ولا تخيب الأمل من حيث جمالها الحضري، كما أنها تتسم بنمط يمزج بين الحديث والقديم.

إن تصميم سكوبي وهندستها المعمارية يعكسان إحساساً فريداً وحيوياً بماض عريق ومتنوع، فهناك الكثير من فنون العمارة الرومانية والعثمانية كالمباني الباروكية والمساجد التاريخية والهياكل المهيبة والنوافير والأسواق الأثرية المفتوحة أو المغطاة. ويبرز بازار سكوبي القديم شاهداً تجارياً وثقافياً على تاريخ المدينة الأصيل منذ القرن الثاني عشر.

تجوّل في الشوارع القديمة واقصد متحف جمهورية مقدونيا الشمالية، ومتحف الفن الحديث اللذين يعززان جاذبية المكان. صحيح أن العوامل الطبيعية والزمن أثرا في سكوبي مع مرور الوقت، لكنها لا تزال مدينة جميلة تحمل في طياتها الكثير من المقومات السياحية.

وعلى بعد 17 كم جنوب غربي «سكوبي» يقع وادي «ماتكا»، مع منحدراته الشديدة وبحيرته ذات المياه الخضراء الكريستالية. يمكن الوصول إلى الوادي في رحلة جميلة من العاصمة للاستمتاع بتجربة مثالية في الهواء الطلق بين جوانب الطبيعة والكثير من فرص المغامرة. يقصد معظم الزوار الوادي بغرض استئجار قارب يجوب بهم المياه الهادئة في جولة بين أكبر مجمع كهوف في هذا الجزء من أوروبا.

مدينة «مافروفو»

هي من أجمل مدن السياحة في مقدونيا وأكثرها زيارة، إذ تضم مجموعة متنوعة من أروع المناظر الطبيعية والأنشطة التي تتحلى بروح المغامرة والإثارة الجاذبة لآلاف السياح، ولعل من أهمها مجموعة من الشلالات والجداول المائية، وبحيرة مافروفو الجميلة، والمنتزه الوطني الكبير، بالإضافة إلى وجود أعلى قمة في البلاد «جبل كوراب»، الذي يعد وجهة مثالية لمحبي التسلق والنزهات الشائقة. هذا بالإضافة إلى كونها منتجعاً شهيراً للتزلج على الجليد، والتجول في الهواء الطلق وسط غابات الصنوبر والبتولا، والمشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات الهوائية. احرص على زيارة المباني التاريخية والكنائس الأثرية مثل دير القديس يوفان بيجورسكي الأرثوذكسي، وكنيسة القديس نيكولاس المغمورة في بحيرة المدينة والتي تُعد نقطة جذب بحد ذاتها. وتناول الطعام في أحد المطاعم التقليدية حيث الأطعمة المحلية الشهية، واحتس ألذ كوب قهوة في مقاهي مافروفو الشعبية.

بحيرة «أوخريد»

تقع على الحدود بين مقدونيا الشمالية وألبانيا، وهي واحدة من أقدم وأعمق البحيرات في أوروبا. وبسبب نظامها البيئي الغني ووجود أكثر من 200 نوع مستوطن في أعماقها، تم إدراج البحيرة موقعاً للتراث العالمي لليونيسكو، فضلاً عن أنها وجهة خلابة لا يمكن إنكارها للراغبين في الاسترخاء وهدوء النفس.

إلى جانب مياهها الصافية، تصطف بجوار بحيرة «أوخريد» مجموعة من المعالم الهندسية الرائعة ونقاط الجذب التي توفر مناظر بانورامية مذهلة مثل قلعة صامويل، وكنيسة القديسين «كليمان وبانتيليمون» المثيرة للدهشة، وحصن القيصر صموئيل الذي يعود تاريخه إلى القرن الرابع. التقط صوراً مع المنازل ذات الأسطح البرتقالية والمتاحف التاريخية والمسارح القديمة، كمتحف «خليج العظام» وهو مجمع أثري هائل فوق الماء، وسمي كذلك نظراً لوجود عدد كبير من عظام الحيوانات والحفريات القديمة.

بصفتك سائحاً، من المحتمل أن تقيم في أحد الفنادق أو النزل مع إطلالات خلابة على البحيرة، والاستمتاع بممارسة العديد من الرياضات المائية، وصيد الأسماك، والتجديف.

مدينة بيتولا

تعتبر من الوجهات السياحية المفضلة للزائرين، وتتسم بالأناقة والتطور وتحظى بإقبال كبير من مختلف الوجهات، الخارجية منها والداخلية. وتتميز «بيتولا» بموقع فريد في الجزء الجنوبي الغربي من جمهورية مقدونيا الشمالية، فهي نقطة وصل مهمة تربط جنوب البحر الأدرياتيكي ببحر إيجه ووسط أوروبا.

عُرفت بيتولا منذ العصر العثماني باسم «مدينة القناصل»، حيث كانت مركزاً دبلوماسياً وثقافياً للمنطقة بأسرها وضمت العديد من قنصليات البلدان الأوروبية، لذلك لن تفاجأ بأناقة المباني وروعة المساجد والمنازل الملونة ذات الثقافة المعمارية الفريدة.

تتنوع الأنشطة الترفيهية في المدينة، إذ يمكنك التنزه في شارع «شيروك سوكاك»، والاستمتاع بالأجواء الأوروبية في مقاهي بيتولا، والحمامات الرومانية التي تعود للقرن السابع عشر، والبلدة القديمة، ومتحف بيتولا التاريخي، كما أن هناك متسعاً كبيراً من الفرص للطبيعية داخل منتزه بيليستير الوطني ذي الأجواء الجبلية الوعرة، مع العديد من الحيوانات والنباتات الرائعة.

مسارات المشي وركوب الخيل

تفخر مقدونيا باحتوائها بعضاً من أفضل مسارات المشي للمسافات الطويلة في أوروبا، حيث يمكن التجول في الهواء الطلق وسط غابات الصنوبر والبتولا، مع العديد من الطرق الجديدة التي تم رسمها وتطويرها بتمويل من الاتحاد الأوروبي في السنوات القليلة الماضية. بالإضافة إلى وجود خيارات جبلية ممتعة لسائقي الدراجات الهوائية على الطرق الطويلة.

ولمحبي ركوب الخيل، تعتبر خيول جبال البلقان من الأنواع القوية والموالفة للتضاريس شديدة الانحدار. حيث تجوب بك أميالاً وسط المتنزهات الوطنية والمناظر الطبيعية الجميلة بشكل لا يصدق داخل المناطق الريفية البكر وغيرها من نقاط الجذب في مقدونيا الشمالية. وتمنحك الجولة على ظهر الجواد فرصة مميزة لتجربة الضيافة الريفية الأصيلة والأنشطة التقليدية للسكان المحليين مثل حلب الماشية وصنع الجبن.

الرياضات الشتوية

تعتبر مقدونيا الشمالية وجهة سياحية على مدار السنة، وزيارتها مثيرة في أشهر الشتاء تماماً كما هي في ذروة الصيف. فمن يناير/كانون الثاني إلى مارس/آذار من كل عام تنتظر عشاق الرياضات الشتوية مواعيد شائقة للتزلج على الجليد وسط الثلوج الكثيفة التي لم يمسها أحد في أعالي الجبال، مع خيارات شتوية ريفية أخرى داخل المنتجعات المتخصصة.

ولأولئك الذين لا يفضلون الكثير من الأدرينالين، يمكنهم التوجه إلى مركز التزلج داخل منتزه مافروفو الوطني على سبيل المثال للاستمتاع بتجربة خفيفة لرياضات شتوية متعددة.

الطهي وحفلات الزفاف

متى كانت آخر مرة تناولت فيها طعاماً مقدونياً؟ إذا لم تكن قد حظيت بهذه الوليمة بعد، فقد حان الوقت لتجربة قل نظيرها وبأسعار مناسبة أيضاً. فالطعام المقدوني له شهرته من بين مطابخ العالم، ويعكس تأثير ثقافات متعددة مرت من هنا كالشرق أوسطية والتركية واليونانية والمجرية والإيطالية، مع العديد من الأطباق المقدونية التقليدية اللذيذة والمصنوعة من أجود المكونات المحلية والموسمية، ومعظمها من محاصيل عضوية، وأهمها «السارما» و«موساكا» و«أجفار» و«كبابي» وسمك السلمون المرقط المشوي، بالإضافة إلى الخبز والأجبان المنتجة محلياً والعديد من تخصصات الطعام الشهية والأطباق الغنية المطبوخة في أوانٍ خزفية.

ولكي تنغمس أكثر في الثقافة المقدونية المحلية، لا شيء يضاهي حضور حفل زفاف مبهر يُقام سنوياً في شهر يوليو/تموز ويدعى «مهرجان زفاف جاليشتنيك» ويستمر لخمسة أيام، يحتفل فيه الأزواج من جميع أنحاء البلاد بزفافهم وسط جو مليء بالفرح والبهجة على أنغام الموسيقى الحية والرقص التقليدي والجميع يرتدي أجمل الملابس الوطنية التي تعكس روح المكان. إنه بلا شك أحد أكثر الأحداث شعبية بالنسبة للسكان المحليين والسياح على حدٍ سواء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"