يأتيك اللقاح وأنت نائم

00:15 صباحا
قراءة دقيقتين

قد يفاجئنا أن رفض أخذ اللقاحات ضد وباء «كوفيد – 19»، ليس جديداً، فقد عرف التاريخ مواقف مشابهة من لقاحات ضد أوبئة أخرى، ومن ذلك ما أورده تقرير نشر مؤخراً عن قضية جرت قبل نحو مئة عام، حين رفض مهاجر سويدي إلى الولايات المتحدة أخذ اللقاح ضد وباء الجدري، ودخل، بسبب ذلك، في معركة قانونية، قال فيها القضاء كلمته.
الرجل المذكور، واسمه هينينج جاكوبسون، جاء إلى أمريكا وهو فتى صغير، وهناك تلقى تعليماً دينياً وأصبح قساً، وأسس كنيسة بروتستانية في ضواحي بوسطن، يقال إنها ما زالت موجودة حتى اليوم. وفي العام 1901 ضرب وباء الجدري شمال شرقي الولايات المتحدة بقوة، وراح ضحيته عشرات الآلاف من البشر، ومن نجوا ظلّوا يحملون تشوهات عديدة في أجسادهم، كتآكل الأنف أو الأذن، أو حتى فقدان البصر أو السمع.
يومها أصدرت ولاية ماساتشوستس التي تقع فيها بوسطن قراراً بجعل تلقي اللقاح إجبارياً على الجميع، في محاولة من حكومة الولاية للسيطرة على الوباء، باعتبار أن ذلك يصب في المصلحة العامة، وكل من يرفض التطعيم عليه أن يدفع غرامة قدرها 5 دولارات حينها، وهي تعادل حوالي 100 دولار اليوم. وبالفعل بدأ التطعيم الإجباري، وكان هناك إكراه للكثيرين عليه بالقوة، إلى درجة تهديد الناس بالسلاح، ووضع الأصفاد في أيديهم، ما أثار موجة استياء.
مستغلاً مكانته الدينية، رفض هينينج أخذ التطعيم، وقال ما يقوله رافضو التطعيم اليوم من أن ذلك انتهاك للحرية الشخصية التي يكفلها الدستور الأمريكي، وبسبب رفضه للتطعيم، فرضت عليه حكومة الولاية أن يدفع الغرامة المقررة، ولكنه رفض الدفع أيضاً، مبرراً موقفه بأن كل ما تفعله الولاية يعد أمراً غير دستوري، ويمس حريته الشخصية، وبسبب ذلك وصلت القضية للمحكمة العليا في أمريكا، لتحكم المحكمة لصالح إدارة الولاية ضد هينينج.
يستشهد بهذا الحكم القضائي اليوم، حيث يدور حديث عن جعل التطعيم إجبارياً لوضع حد لانتشار الوباء، حيث يقال إن نحو 70 مليون شخص لا يزالون رافضين لتلقي اللقاح في الولايات المتحدة، وفي روسيا التي تشهد حالياً موجة من انتشار متحور «دلتا»، فإن مجموع من أخذوا اللقاح لم يتجاوز ال 30% في المئة إلا قليلاً، وتشكو دول أخرى، بينها سويسرا، من انتشار الفكر المضاد للتطعيم بين الناس هناك.
أطرف ما يذكر بهذا الخصوص دعوة الرئيس الفلبيني، رودريجو دوتيرتي، لتطعيم الرافضين للقاح أثناء نومهم، وقال في خطاب متلفز: «دعونا نذهب إلى منازلهم ونطعّمهم أثناء نومهم، هكذا تنتهي القصة، وسأقود الحملة شخصياً».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"