عادي

من هو المدافع الخامس في كرة القدم الحديثة؟

16:05 مساء
قراءة 6 دقائق
حارس مرمى يتصدى لكرة خارج منطقة جزائه
حارس مرمى يتصدى لكرة خارج منطقة جزائه

إعداد: معن خليل

كثر الحديث في السنوات الأخيرة في عالم كرة القدم عن حارس المرمى «الليبرو»، وهو الأسلوب القديم الذي أحياه الألماني مانويل نوير منذ ظهوره مع نادي شالكه في 2006 ثم مع ناديه الحالي بايرن ميونيخ، والكل مازال يذكر ما قدمه نوير في مباراة منتخب بلاده أمام الجزائر في ربع نهائي مونديال 2014 في البرازيل، عندما كان يخرج من منطقته كثيراً لقطع كرات مهاجمي «الخضر»، معيداً إلى الأذهان ما كان يفعله من قبل حراس مرمى سبقوه إلى ذلك أمثال مواطنه سيب ماير والكولومبي رينيه هيغيتا والمكسيكي جورج كامبوس.
وهناك العديد من الحراس الحاليين يقومون بوظيفة المدافع الخامس لعل أبرزهم الثنائي البرازيلي ايدرسون (مانشستر سيتي) وأليسون (ليفربول)، والألماني مارك أندريه تير شتيغن (برشلونة) .
فمن هم أبرز الحراس الذين برعوا بمهمة المدافع الخامس؟
أولاً، ثقافة «الحارس الليبرو» التي غرسها مانويل نوير ويتبعها الحراس الألمان خصوصاً هناك من يدافع عنها مثل الحارس السابق لـ«المنشافت» وبايرن ميونيخ أوليفر كان الذي يرى أن «الحارس العصري ولو تسبب في بعض الأحيان بمشكلات استثنائية عليه أن يغطي المساحات الفارغة التي قد تنتج عن اندفاع المدافعين إلى منطقة الخصم».
ويعترف أوليفر بأن مانويل نوير أضاف بعداً آخر لمركز الحراسة، بقدرته على أداء مهام يصعب على أي حارس آخر القيام بها، لذلك لم يعد حارس المرمى يجيد مركز «الليبرو» عند تقدم دفاعه؛ بل من الممكن أن يتضاعف هذا الدور ليشمل مهام أخرى، كتغطية مركز الظهير ولاعب الوسط الدفاعي، وفي بعض الأوقات يصبح لاعب وسط بتقدمه حتى منتصف الدائرة.
وبالنسبة للإسباني بيب غوارديولا مدرب يايرن ميونيخ والذي كان أحد الذين شجعوا نوير على أسلوبه، فيرى أن «حارس المرمى هو لاعب يرتدي قفازاً»، أي أن بإمكانه أن يلعب الكرة كأي زميل آخر.
المدافع الخامس
ويطلق على حارس المرمى الذي يقوم بهذا العمل «المدافع الخامس» أو «الخمسة المزيفة» أي الذي يقوم بدور خفي لمساعدة المدافعين الأربعة الذين تتألف منهم تشكيلات الفرق والمنتخبات، وقد نجح مانويل نوير في هذه المهمة كثيراً وإن أخطأ مرة أو مرتين، إلا أن إيجابياته أكثر من سيئاته في هذا المجال، والدليل أن الجميع أشاد به بعد ما فعله أمام الجزائر في مونديال 2014 عندما غطى بشكل مثير للإعجاب تقدم لاعبي فريقه إلى منطقة جزاء الخصم، وبدا خلال ذلك اللقاء أن منتخب ألمانيا يمتلك لاعباً إضافياً على أرض الملعب.
وإذا كان الألمان هم أول من أطلق وظيفة «الليبرو» أو ما يعرف بالمدافع الحر الذي يحمل الرقم 5 وذلك عبر أسطورتهم القيصر فرانتس بكنباور، فإنهم عادوا ليقدموا للعالم الكروي أسلوباً عصرياً لـ«الحارس الليبرو» عبر نوير الذي قال عنه مدرب حراس المرمى الألماني السابق كوبكه «لم أشاهد لاعب ليبرو أفضل من نوير إلا فيما ندر، ربما بكنباور فقط».
وتدخل بكنباور نفسه ليكيل المديح لنوير وهو قال عنه على الرغم من أنه حارس مرمى«لم أشاهد مدافعاً متأخراً مثل نوير، لقد أظهر دائماً قدرة هائلة على تقمص دور المدافع، كما أسهم في بناء الهجمات ومشاركة اللعب وتدوير الكرة مع زملائه في الفريق عبر تقدمه كلما وجد الفرصة مناسبة إلى وسط الملعب».
وتابع بكنباور حديثه خلال تعليقه على مباريات مونديال 2014 «أداء مانويل نوير الرائع حتى خارج منطقة الجزاء ربما يكون أنقذ ألمانيا من أهداف تقدم جزائرية في أكثر من مرة، وذهب بعض الصحفيين إلى وصف نيوير بأنه كان مزيجاً في هذه المباراة من سيب ماير، حارسنا العظيم في بايرن ميونيخ ومنتخب ألمانيا الغربية الفائز بلقب كأس العالم عام 1974، وبيني أنا شخصياً، وما يعنوه هنا هو أنه مع نيوير، ولد مركز الليبرو القديم من جديد».
وكتبت مجلة «فرانس فوتبول» في مقال سابق لها عن نوير: « لقد أحدث ثورة في عالم حراسة المرمى وأعطى هذا المركز بعداً عقلياً وذهنياً جديداً؛ إذ إن العرف جرى على أن حارس المرمى مهمته الأساسية هي حراسة الثلاث خشبات، والتقوقع داخل منطقة الجزاء ليتصدى للكرات التي تسدد على مرماه، ويقفز عليها يميناً ويساراً وعلى الأرض ويطير في الهواء، لكنه لا يلعب الكرة بقدميه ورأسه، كان هذا هو السائد عادة مثلما كان يفعل فابيان بارتيز حارس منتخب فرنسا الأسبق أو الهولندي فان درسار، لكن جاء نوير ليكسر هذه القاعدة ويتفوق في الأمرين: داخل منطقة جزائه وأيضاً خارجها بالتحرك بالكرة، أو القيام بدور الليبرو، وأحياناً دور لاعب خط الوسط، نوير أجاد تماماً في هذه المهمة المزدوجة».

نوير يحاول إبعاد الكرة في منتصف ملعب الفريق الخصم
نوير يحاول إبعاد الكرة في منتصف ملعب الفريق الخصم

ثورة نوير
ورأى يواكيم لوف المدير الفني السابق لمنتخب «المانشافت» أن نوير يمكنه أن يلعب في خط الوسط، ويقول إنه أحدث ثورة في حراسة المرمى: «كان لدينا مع هذا الحارس لاعب حادي عشر، أعتقد بأن نوير كان وراء تحول في كرة القدم العالمية».
أما توني كروس لاعب منتخب ألمانيا فيؤكد أن «نوير هو اللاعب رقم 11 في الفريق، وليس حارس مرمى، فتأثيره ودائرة عمله وتحركه يتجاوزان بكثير منطقة الجزاء، مع نوير يمكن شن هجمات خطِرة من الخلف بفضل مهارته وفنه وموهبته وقدرته على إرسال تمريرات طويلة محكمة، فالرؤية عنده رائعة».
أحد الحراس الألمان الذين كانوا يتبعون طريقة نوير، لكن بشكل أقل جنوناً هو ينز ليمان الذي حرس مرمى أرسنال الإنجليزي من 2003 حتى 2008 ويقول: «كنت أعتبر مجنوناً في إنجلترا بسبب هذه الطريقة في اللعب». 
وبالنسبة لتير شتيغن النسخة الجديدة لنوير، فهو يؤكد دائماً أنه لن يتخلى عن أسلوبه بالخروج من المرمى ومساندة الدفاع.
 وكأن «الحارس الليبرو» هو اختراع ألماني لايحيدون عنه مهما كانت العواقب منذ أذن بدأ الحارس القديم للألمان سيب ماير بتطبيقه في السبعينات؛ حيث يعتبر السباق لتقمص دور المدافع ومساندة الخط الخلفي من مواقع متقدمة في الملعب.
كما تميز ليمان حارس أرسنال ومنتخب ألمانيا بامتلاكه روح المجازفة والتحدي بعيداً عن مرماه، وهو ما أثار إعجاب يواخيم لوف الذي كان مساعداً للمدرب يورغن كلينسمان خلال مونديال 2006 وقال عنه: «ليمان له القدرة على الالتحام مع المهاجمين بعيداً عن مرماه وإنقاذ كرات وهجمات قبل أن تظهر خطورتها، فهو يقتل الهجمة ويقتل الفرصة للفريق الخصم».

نوير لعب دور المدافع في مونديال 2014 أمام الجزائر
نوير لعب دور المدافع في مونديال 2014 أمام الجزائر

خصوصية كامبوس
وامتلك المكسيكي السابق جورج كامبوس هذه الخصوصية وإن زاد عليها أنه كان متهوراً أحياناً ويحاول الوصول بالكرة إلى مرمى الفريق المنافس ليكون «الحارس المهاجم» أيضاً وليس المدافع وحسب.
وما أفاد كامبوس لتطبيق هذا الأسلوب بأنه بدأ مشواره الكروي في مركز المهاجم، ولعب في نادي بوماس، قبل أن يقرر مدرب الفريق عام 1991 الدفع به في مركز حارس المرمى بدلاً من الحارس المصاب، وقد نجح بشكل باهر خلال ذلك اللقاء وتصدى لكرات كثيرة، وقدم مستوى جيداً ليقرر بعدها تغيير مركزه إلى حارس مرمى.
خلفية كامبوس المهاجم جعلته يدخل ثورة على مركز حراسة المرمى؛ حيث كان ينظم ألعاب فريقه من الخلف ويعطي زملاءه اللاعبين التعليمات ويخرج من مرماه ليتصدى للكرات ويمنع مهاجمي الخصم من التسجيل، وكان يسجل أيضاً أهدافاً وقد فعلها في 34 مناسبة، لاسيما مع فريقه بوماس، لذلك اختار أن يرتدي القميص رقم 9 المخصص لرأس الحربة وليس 1 الذي يرتديه حارس المرمى. 

كامبوس حارس مرمى يرتدي القميص رقم 9
كامبوس حارس مرمى يرتدي القميص رقم 9

الأكثر جدلاً
ويبقى الكولومبي رنيه هيغيتا الحارس الأكثر جدلاً في أسلوب الخروج بعيداً عن مرماه، ولقبه كان «الـ لوكو»، أي المجنون، وهو طبق ذلك فعلاً في المباريات؛ حيث كان يترك منطقه الجزاء ويراوغ المهاجمين ويشارك في صناعه الهجمات لصالح فريقه.
ولقد اشتهر هيغيتا في مناسبتين، الأولى عام 1996 عندما خاض مباراة ودية مع منتخب كولومبيا ضد إنجلترا في ملعب ويمبلي في لندن، وفي إحدى الهجمات أرسل جيمس ريدناب جناح المنتخب الإنجليزي كرة إلى المرمى وبدلاً أن يصدها هيغيتا بيديه قفز إلى الأمام وبقي في الهواء لبعض الوقت وقام بلف قدميه نحو ظهره وعندما وصلت الكرة إلى خط المرمى ضربها بكعبه صدة خلفية لم تشهد ملاعب كره القدم شيئاً مثلها من قبل وأطلق عليها تسمية «صدة العقرب».
وبما أن هيغيتا بدأ مشواره مع كرة القدم كمهاجم فإنه عشق الخروج من مرماه وأحياناً مراوغة المهاجمين المنافسين، ولقد ارتكب خطأ عمره في مونديال 1990 عندما حاول مراوغة نجم منتخب الكاميرون روجيه ميلا، لكن الأخير خطف منه الكرة وسجل هدفاً أخرج به كولومبيا من كأس العالم.

هيغيتا يحاول اللحاق بالكاميروني ميلا بعدما خطف منه الكرة في مونديال 1994
هيغيتا يحاول اللحاق بالكاميروني ميلا بعدما خطف منه الكرة في مونديال 1994
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"