عادي

تحـول الطاقــة في العصـر الحديث منحة أم محنة؟

22:40 مساء
قراءة 3 دقائق
1

إعداد: هشام مدخنة

مع دخولنا الربع الأخير من عام 2021، ينتشر صدى أزمة الطاقة العالمية عبر الاقتصادات والصناعات في جميع أنحاء العالم. فبالإضافة إلى النقص الحاصل لدى البعض وارتفاع الأسعار، بدأت هذه الأزمة تُنذر بتداعيات خطيرة ناجمة عن التعامل السيئ مع تحول الطاقة.

تُعد الطاقة أمراً حيوياً لكل جوانب الحياة الحديثة تقريباً. فهي تحافظ على دوران عجلة الصناعة، وعمل التكنولوجيا، وتبعث التدفئة داخل منازل الناس وتنيرها، فضلاً عن دورها الكبير في ديمومة حركة النقل. فالكثير مما نعتمد عليه اليوم مرتكز على الطاقة، لذلك فإن أي هزة تصيبها من المرجح أن يصل ارتدادها إلى الاقتصاد الأوسع ويشعر بها الجميع تقريباً. فعندما يرتفع سعر الغاز والكهرباء، ترتفع بالتوازي أسعار أشياء أخرى كثيرة. ومن هنا تظهر أهمية التعامل الجيد مع تحول الطاقة المستمر خصوصاً مع عمليات إزالة الكربون من إنتاج الكهرباء.

في حديثه إلى تلفزيون بلومبيرج، أوضح جيف كوري، رئيس أبحاث السلع الأساسية في «جولدمان ساكس»، كيف ارتفع الطلب على الغاز إثر إيقاف العديد من محطات الطاقة العاملة بالفحم في جميع أنحاء العالم، والأثر المزدوج لذلك والمتمثل في رفع أسعار الغاز واستنزاف مخزونه العالمي.

وقال: «سلاسل التوريد تكاد تنضب، ولا يمكن للنظام استيعاب أي نوع من الاضطراب نعاني».

وتوقع كوري استمرار ارتفاع أسعار الطاقة مع اقتراب فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي. 

لكن ومن وجهة نظره، يمكن أن يساعد ذلك على تسريع التحول الذي يرجوه العالم إلى الطاقة النظيفة، مشيراً إلى أن الأسعار المرتفعة تزيد من جاذبية الطاقة المتجددة بكافة أشكالها من الناحية التجارية.

إعادة التفكير

من جانبه، يعتقد روبرتو بوكا، المشرف على مستقبل الطاقة والمواد في المنتدى الاقتصادي العالمي، أن لكل شخص دوراً يلعبه في المساعدة على تجنب الأزمات التي قد تتعرض لها عملية تحول الطاقة.

مضيفاً: «إن نظام الطاقة مترابط وممتد، وتعقيد التحول له آثاره في جميع قطاعات وأبعاد الحياة، وأي شذوذ قد يُحدث اضطراباً عاماً. علينا إعادة التفكير في النموذج الكامل لكيفية استهلاك وإنتاج الطاقة، أي العرض والطلب».

ويقترح بوكا أن يبدأ الناس بالتفكير بطريقة مختلفة في علاقتهم بالطاقة، والابتعاد عن عقلية وفرتها نحو كونها مورداً ثميناً ومحدوداً يجب الحفاظ عليه.

في المنازل والمكاتب والشركات في جميع أنحاء العالم، يُشار إلى الطاقة على أنها أحد المرافق الجاهزة للاستخدام ببساطة وبمجرد ضغطة زر. لكن البنية التحتية المعقدة التي تربط مفتاح الإضاءة المتواضع هذا، أو توربينات الرياح الضخمة تلك ببقية شبكة الكهرباء لا يمكن رؤيتها، ولا يقدر أهميتها كثير من المستهلكين المنزليين والصناعيين على حد سواء، فهم ببساطة راضون عن استخدام الطاقة خاصة عندما تكون تكاليف استهلاكها في المتناول.

 تعزيز محو أمية الطاقة

يتابع مؤشر تحول الطاقة الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي التقدم المحرز في معالجة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المرتبطة بالطاقة لعشر سنوات. وتمثل أكبر 10 دول في المؤشر حوالي 2% من سكان العالم وحوالي 3% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة. وعليه، تحتاج البلدان الأكبر والأكثر اكتظاظاً بالسكان والأعلى تلوثاً إلى بذل مزيد من الجهود بالتوازي مع تحسن الصورة العامة لقطاع الطاقة. لكن محاولات التغيير هذه يجب أن تتم بالتدريج دون صدم الواقع، كي لا تتعرض لمقاومة شرسة وتتسبب في اضطرابات داخلية.

وفي حال أصبح جميع المستهلكين والمنظمين والأكاديميين، جنباً إلى جنب مع المنظمات غير الحكومية وقادة الأعمال، أكثر إلماماً بالطاقة وبأهميتها، فإنهم سيقدّرون معنى وكيفية إحداث تغييرات مفيدة من خلال القرارات التي يتخذونها.

ختاماً، سيكون مفهوم «تحول الطاقة» خلال العشرين عاماً القادمة أمراً معقداً ومكلفاً، وفي بعض الأحيان، صعب التنفيذ. لكن دعونا لا نختبئ وراء إصبعنا ولنعمل معاً لمواجهة هذا التحدي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"