عقدة الصين الأمريكية

01:02 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

تحولت الصين إلى عقدة أمريكية بامتياز، بعد ما كشف مؤخراً عن قيام الصين باختبار أسلحة «فرط صوتية» أي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ما اعتبرته واشنطن تهديداً خطيراً لها ولمكانتها الدولية، وقد يفتح الطريق أمام تفوق صيني في السباق المحتدم بين الجانبين، رغم كل المحاولات الأمريكية لكبح جماح الاندفاعة الصينية المتصاعدة.

الأسلحة ال«فرط صوتية» ليست الجبهة الوحيدة التي تشغل واشنطن في الفضاء التنافسي مع بكين، فالحرب بينهما مشتعلة على كل الجبهات الاقتصادية والتجارية والسياسية والعسكرية والأمنية، منذ سنوات، خصوصاً في عهد إدارة ترامب السابقة، وإن كان عنوانها الأبرز «الحرب التجارية» والعقوبات والاتهامات المتبادلة حول منشأ فيروس كورونا، التي هددت في بعض مراحلها باندلاع صدام عسكري بينهما.

ومع مجيء إدارة بايدن ظل ملف العلاقة مع الصين هو الأكثر سخونة، حتى بات على رأس أولويات الإدارة الجديدة متقدماً على كل القضايا الدولية، حتى وصل الأمر إلى حد تفكيك تحالفات قديمة وتشكيل تحالفات جديدة، على غرار تحالف «أوكوس» الذي ضم إلى جانب الولايات المتحدة كلًا من أستراليا وبريطانيا، والذي أثار غضب الحلفاء الأوروبيين التقليديين، خصوصاً فرنسا بعد إلغاء صفقة غواصاتها مع أستراليا، وتحالف «كواد» أو ما بات يعرف باسم «الناتو الآسيوي» وضم إلى جانب الولايات المتحدة، اليابان وأستراليا والهند، وهما حلفان أمنيان عسكريان، بالدرجة الأولى، يستهدفان تضييق الخناق على الصين ومحاولة السيطرة على بحرها الجنوبي.

الملاحظة الأهم هنا هي أن الإعلان عن تجارب صينية من هذا النوع قادرة على حمل رؤوس نووية، كما تشير التقارير، جاء في خضم المحاولات الأمريكية لعزل الصين ومحاصرتها، أمنياً وعسكرياً، وبعد تهديدات واشنطن لبكين بشأن تايوان واستعدادها لحمايتها والدفاع عنها حتى لو أدى ذلك إلى اندلاع حرب نووية، غير أن الخطوة الصينية أثارت، في الواقع، قلقاً عميقاً لدى واشنطن، التي حاولت التقليل من شأنها في البداية، لكنها اضطرت للاعتراف بخطورتها لاحقاً على الولايات المتحدة التي لا تزال متخلفة في هذا المجال، بل إن البنتاجون، وعلى رأسه الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة، أعرب عن مخاوفه من أن تمثل التجارب الصينية «نقطة تحول» تمنح الصين تفوقاً على الجيش الأمريكي، مشبهاً الخطوة الصينية بأنها قريبة من «لحظة سبوتنيك» وهو القمر الصناعي الذي أطلقه الاتحاد السوفييتي السابق عام 1957، ومنح تقدماً مبكراً للسوفييت في سباق الفضاء وشكّل صدمة للأمريكيين آنذاك. ولعل هذا ما بات يشكل إحباطاً أمريكياً في الصراع التنافسي الراهن مع الصين. فواشنطن تدرك حقيقة أن بكين أصبحت قوة اقتصادية وعسكرية عظمى، وأن تحديث جيشها وترسانتها العسكرية، بات يشكل كابوساً لها ولحلفائها، وربما تكون الحقيقة التي لا تريد الإفصاح عنها هي خوفها من قيام الصين بإزاحتها عن عرش قيادة الساحة الدولية، وتحول النظام الدولي إلى التعددية القطبية، وتراجع الولايات المتحدة إلى دولة عادية، في أحسن الأحوال، إن لم يتم التوافق على قيام نظام عالمي جديد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"