الشارقة: «الخليج»
لا يكاد الحديث ينقطع عن رواية «شيفرة دافينشي» لدان براون، ففي كل مرة يحاول النقاد أن يفككوا أسرارها ويلقوا الأضواء على بعض جوانبها الغامضة، خاصة في ما يخص علاقتها بالرسام الشهير ليوناردو دافينشي. تعتمد الرواية في عقدتها وبنائها الدرامي على الرموز والشفرات، الأمر الذي يتيح في كل قراءة لها تفسيراً جديداً، يشكل إضافة ويزيد من بريق الرواية التي تعتبر من أكثر الأعمال السردية مبيعاً في العالم.
والرواية تنتمي لعدد من الموضوعات والأنماط السردية، فهناك من صنفها كعمل بوليسي، وآخرون يرونها رواية خيالية بامتياز، فيما يرى فريق ثالث أنها واقعية، خاصة أسماء بعض الشخصيات الشهيرة من ضمنهم العالم «اسحق نيوتين»، إضافة إلى بعض الحقائق المتعلقة بالجماعات السرية العقائدية، لكنها في كل الأحوال حافلة بالتشويق والإثارة والغموض، فمنذ أن نشرت في عام 2003، ولا تزال تحتل مكانة بارزة، خاصة أنها قد ترجمت إلى أكثر من 56 لغة حول العالم.
تدور أحداث الرواية، على مدار 600 صفحة، في كل من فرنسا وبريطانيا، وتستهل أحداثها من متحف اللوفر الشهير في باريس، حيث يتم استدعاء عالم أمريكي يدعى الدكتور «روبرت لانغدون»، وهو علّامة متخصص في علم الرموز الدينية في جامعة «هارفارد»، البريطانية، وذلك في أعقاب وقوع جريمة قتل في المتحف لأحد القيمين عليه وسط ظروف شديدة الغموض، أثناء تواجده في باريس لإلقاء محاضرة ضمن تخصصه، وبعد سلسلة من التحقيقات الدقيقة، يكتشف «لانغدون»، الكثير من الألغاز التي تشير إلى وجود منظمة سرية مقدسة امتد عمرها إلى مئات السنين، وكان من أحد أعضائها البارزين العالم إسحاق نيوتن، وليوناردو دافينشي، حيث يقوم كل من «لانغدون»، والعالمة الفرنسية «صوفي نوفو»، خبيرة فك الشفرات، باكتشاف سلسلة من الألغاز الشيقة والمثيرة وسط مطاردة شرسة من أعضاء منظمة كاثوليكية.
ولعل من أهم أسباب رواج الرواية، كما يرى كثير من النقاد، أنها قد منعت من الدخول إلى عدة دول منها الفاتيكان، عقب الاعتراض المتشدد على محتويات العمل، خاصة أنه يقدم الكثير من التصورات والأطروحات والفرضيات الجديدة بصورة مختلفة عن السائد والمتوارث الذي رسخ في الأذهان، والغريب أن هناك بعض الدول حول العالم اتخذت ذات الموقف من الرواية، وهو الأمر الذي ولد الفضول الشديد لدى القراء في التعرف، ليس فقط إلى أحداث ورموز الرواية، بل كذلك إلى الرؤى الفكرية التي حملتها.
كثير من الناس ظلوا يسألون عن علاقة ليوناردو دافينشي بالرواية، وهو السؤال الذي يبرز مباشرة بعد قراءة عنوان العمل، والحقيقة أن الرسام العالمي يحتل مكانة مهمة داخل بنية السرد الروائي، حيث تدور بصورة أساسية حول اختراعات وأعمال دافينشي الفنية، وقد أشارت الرواية إلى أن جثة أمين المتحف ـ وهو المشهد الافتتاحي في العمل، كانت عارية وتأخذ وضعاً يشبه الذي جاء في إحدى شخصيات دافينشي في واحدة من أهم أعماله وهي لوحة «الرجل الفيتروفي»، وهو الأمر الذي دفع «لانغدون»، إلى فحص رسوماته لفك رموزها وإشاراتها وحل أسرارها، خاصة «الموناليزا»، و«العشاء الأخير»، وهو المجهود الذي قاد إلى حل كثير من الألغاز في الرواية.
قد يعجبك ايضا







