قمة المناخ وإنقاذ الكوكب

00:34 صباحا
قراءة 3 دقائق

رغم أنها ليست الأولى التي تعقد تحت يافطة إنقاذ الكوكب من المخاطر التي يصنعها سكانه بأيديهم، إلا أن قمة المناخ في جلاسكو التي بدأت أعمالها يوم الأحد الماضي، ستكون وحسب كل المراقبين بمثابة اختبار حقيقي لمصداقية العالم، لا سيما الدول الكبرى في المساعي التي تبذل لمواجهة مشكلة عويصة باتت تشكل خطراً على البشرية بأسرها، وهي مشكلة الاحتباس الحراري، وما قد ينتج عنها من كوارث طبيعية أبرزها الكارثة المناخية المحتملة في ظل استمرار انبعاثات غازات الوقود الأحفوري، ناهيك عن الجرائم الأخرى التي ترتكب بحق الأرض ومن عليها، ومن هذه الجرائم التدمير الكبير للغابات التي تشكل الرئة التي تتنفس الطبيعة من خلالها.
 وفي كلمته أمام القمة التي تشارك فيها نحو 200 دولة استشعر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس المخاطر التي يحملها انبعاث غازات الاحتباس الحراري على الحياة البشرية على كوكبنا، قائلاً بلهجة صارمة إن «إدماننا للوقود الأحفوري يدفع البشرية إلى حافة الهاوية»، داعياً إلى «التوقف عن التعامل مع الطبيعة» كمرحاض، على حد تعبير المسؤول الدولي الأول.
 أما رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون فقد دعا دول العالم إلى تحقيق أكبر استفادة من القمة، مضيفاً: إن السؤال الذي يسأله كل شخص هو ما إذا كنا سنستغل هذه اللحظة أم سندعها تفلت منا.
 موقف شاطره الرأي فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي حث قادة دول العالم على اغتنام الفرصة للتعامل مع أزمة التغير المناخي كي لا يخرج الجميع خاسرين.
ومع أن النتائج الكارثية للتراخي في معالجة الاحتباس الحراري ستطال العالم بأسره، إلا أن الخاسر الأكبر سيكون تلك الدول الفقيرة، التي لا تمتلك الوسائل والآليات المطلوبة للتعامل مع أزمات المناخ. وهو ما حذر منه تقرير استخباراتي أمريكي أشار إلى أن تغير المناخ سيؤدي إلى احتدام التوتر حول العالم.
 هذا التقرير الذي يعد الأول من نوعه للاستخبارات الأمريكية في تقدير أثر التغير المناخي على الأمن الوطني حتى عام 2040، رجح أن ينشأ جدل فيما بين الدول على كيفية التعاطي مع التغير المناخي، الذي ستظهر آثاره في الدول الأكثر فقراً بصورة أقوى من غيرها، نظراً لتراجع قدرات تلك الدول على التكيف، محذراً في الوقت ذاته من مخاطر لجوء دول بعينها وبصورة منفردة إلى استخدام تقنيات متقدمة في مجال الهندسة الجيولوجية. كما حذر من إعراض بعض الدول عن التعاون بشأن مواجهة التغير المناخي.
 وأشار التقرير إلى أن التراجع في عوائد الوقود الأحفوري من شأنه تأجيج التوتر في الشرق الأوسط المرشح للتأثر بشكل كبير بالتغير المناخي.
 ومع أن معظم المؤتمرات السابقة فشلت في إيقاف غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية، ورغم مضي ثلاثة عقود من الحديث عن خطورة الأمر، لكن بالنسبة لهذا المؤتمر فإن التوقعات بإحراز تقدم حقيقي أعلى من المعتاد.
 ويرجع ذلك إلى ازدياد الكوارث الطبيعية، حيث يأمل العلماء في تجنب درجات الحرارة الأكثر ضرراً من خلال خفض انبعاثات الكربون العالمية إلى النصف بحلول عام 2030، وهو الموعد النهائي الذي يلوح في الأفق بما يكفي للتركيز على هذا الهدف، وسط مخاوف حقيقية من ارتفاع درجة الحرارة في العالم بحوالي 2,7 درجة مئوية، وهو ما سيتسبب في تأثيرات مدمرة للغاية، بحسب تحليل برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
 ولا بد من القول إن تحدي التغير المناخي لا يعترف بحدود وطنية، وإنما هو خطر عالمي يهدد الحياة على كوكب الأرض بالكامل. ما يستدعي وجود تعاون عالمي حقيقي، في مواجهة التغير المناخي، وتوسيع استخدام الطاقات الصديقة للبيئة.
 والسؤال: هل ستشكل قمة جلاسكو قفزة حقيقية في مواجهة الاحتباس الحراري، أم أنها ستضاف إلى سابقاتها من القمم، تصدر عنها قرارات لا ترجمة أمينة لها على الأرض.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"