«طالبان» تطلب العون

00:00 صباحا
قراءة دقيقتين

تستمر القيادات العسكرية الأمريكية في إطلاق التصريحات الهادفة لإثارة المزيد من القلق والارتباك في صفوف قادة حركة طالبان العائدة إلى السلطة وسط فوضى اقتصادية كبيرة وتهديدات أمنية وشيكة يطرحها النشاط المتنامي لتنظيم «داعش- خراسان» الإرهابي، وذلك من أجل الحصول على أكبر قدر من التنازلات من قادة الحركة التي تبحث عن الاعتراف الدولي بسلطتها، وعن المساعدات الاقتصادية والأمنية للتغلب على مصاعبها ومشكلاتها العديدة.
 ويمكن في هذا الإطار فهم التصريحات التي أطلقها رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي مؤخراً عن إمكانية نشوب حرب أهلية في أفغانستان، مع تزايد الصعوبات التي ستواجهها حركة طالبان في إدارة السلطة وفي السيطرة على عمليات «داعش» الإرهابية، باعتبارها نوعاً من الضغط الخشن، في وقت تناشد الحركة الدول الكبرى لمد يد العون.
 سبق تصريحات الجنرال الأمريكي تقرير لمجلة «فورين بوليسي» كشف هشاشة الأوضاع الأمنية في كابول نفسها، وعجز السلطات الجديدة عن السيطرة على ارتفاع معدلات الجريمة، وذكر التقرير أن عناصر من طالبان نفسها متورطون في هذه الجرائم التي تشمل أعمال خطف وسلب ونهب وابتزاز وقتل عند الطلب، تحدث بشكل يومي.
 والصورة التي يرسمها الوضع الراهن أن طالبان ليست عاجزة فقط عن احتواء تمدد التنظيم الإرهابي، لكنها عاجزة أيضاً عن ضمان سلامة المواطنين في كابول، عاصمة الحكم ورمز القوة والأمان. كما أن التدهور الاقتصادي والغلاء يضيفان عجزاً آخر إلى الحكومة الجديدة الحاكمة، ويشجعان على التمرد على سلطتها.
 وتدرك حركة طالبان اليوم أنها في حالة ضعف، وأن فرصها في القضاء على خصمها «الداعشي» وفي فرض السيطرة على عناصرها المتفلتة وبالتالي احتواء موجة الجريمة وأيضاً في تحسين الوضع المعيشي للمواطنين الأفغان، كل ذلك يعتمد بشكل رئيسي على اندماجها في المجتمع الدولي، وتلقي العون والمساندة من القوى الكبرى.
 وفي خلال جولة المحادثات السابقة أكدت الولايات المتحدة أنها لا تعتزم الاعتراف قريباً بالحكومة التي شكلتها الحركة، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إن بلاده ستمارس «ضغوطاً لتحترم طالبان حقوق جميع الأفغان بمن فيهم النساء والفتيات، وتشكّل حكومة شاملة تتمتع بدعم شعبي، وحتى توفر الحركة وصول الوكالات الإنسانية من دون عوائق إلى المناطق التي تواجه صعوبات».
 وحاولت الحركة في مناسبات مختلفة إزالة شكوك القوى الكبرى، وقدّم قادتها تعهدات بتغيير طريقتهم في التفكير والإدارة، وبالانفتاح على القوى السياسية الأخرى ومشاركتها الحكم، وفي القضايا المتعلقة بحقوق النساء الاجتماعية والسياسية.
 كما حاولت في مناسبات أخرى تقديم مبادرات لإعلان مفارقتها لمسارات التطرف والإرهاب. ومن أمثلة ذلك قرارها بتعيين أحد شبان أقلية الهزارة في منصب رئيس الاستخبارات بمقاطعة باميان، ذات الأغلبية الشيعية التي ينتمي لها. وفي الأسبوع الماضي تحدث أحد قادة الحركة عن اقتراب موعد السماح بفتح مدارس الفتيات. 
 غير أن مثل هذه التحركات لم تكن مثمرة بالشكل الذي توقعته طالبان. فالضغوط الدولية تهدف إلى أن تحسم الحركة خياراتها الفكرية بشكل علني ثمناً للتعاون وتقديم المساعدة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"