ألغام الانتخابات الليبية

00:24 صباحا
قراءة دقيقتين

يعود الوضع في ليبيا لتصدر الدبلوماسية الدولية مع انعقاد مؤتمر جديد على هامش منتدى باريس للسلام، بالتزامن مع توجه البلاد إلى انتخابات رئاسية وتشريعية ما تزال في طور التجاذب بين الأطراف المختلفة، وسط غموض يحيط ببعض الشخصيات المتقدمة للترشح، لا سيما إلى منصب الرئاسة الذي سيكون عقدة المرحلة المقبلة، والمحدد الحاسم بين الاستقرار والفوضى.
التوجهات العامة تشير إلى أن ليبيا ستمضي إلى الانتخابات؛ لأنها الآلية الوحيدة الممكنة للتعافي واستعادة الدولة وتحقيق السلام المنشود، لكن في التفاصيل هناك مشكلات ومطبات وألغام ومواجهة مفتوحة بين مختلف الفرقاء، بدأت تتشكل مع نذر صراع الإرادات، وهو ما قد يدفع البلاد إلى أزمة جديدة، قد تكون أشد قسوة من سابقاتها، لا سيما أن التفاهمات الجارية التي جاءت بمجلس رئاسي جديد وبحكومة الوحدة الوطنية، لم تكن مبنية على قناعات من الأطراف، وإنما كانت بفعل الضغط الدولي والتلويح بمعاقبة المقوضين للاستقرار.
الهدوء الحذر الذي يسود ليبيا منذ أكثر من عام لم يجتث جذور الأزمة، والتوتر القائم بين المجلس الرئاسي وحكومة عبد الحميد الدبيبة حول قرار توقيف وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، وهناك جزء من خلافات أوسع يتعلق بالمعركة الانتخابية التي ستزداد سخونة في الأيام المقبلة، وستعرف مفاجآت ستعلن عن نفسها بين ساعة وأخرى. فالسباق يبدو مفتوحاً للجميع وليس هناك عقبات تمنع أي شخص يستجيب للشروط الموضوعة من خوض السباق. أما المشكلة الأكبر فستكون بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية يوم 24 ديسمبر المقبل. وبحسب القانون الانتخابي المعلن، إذا حقق أحد المرشحين أغلبية مطلقة، وهي 50 في المئة من الأصوات زائد 1، فسيكون رئيس البلاد مباشرة، أما إذا لم يتحقق ذلك، فسيتجه المرشحان الأول والثاني لخوض الشوط الثاني بالتزامن مع الانتخابات التشريعية التي ستجري في الأسابيع الأولى من العام المقبل.
من بوادر التأزم الذي ستقبل عليه ليبيا، توالي بعض الدعوات إلى مقاطعة الانتخابات، كما أعلن ذلك خالد المشري رئيس ما يُسمى «مجلس الدولة الاستشاري». ونظراً لما تمثله مثل هذه الدعوات من مخاطر وتهديدات، فإنها تزيد من حالة الغليان في البلاد التي يمكن أن تعيد الأوضاع إلى ما قبل الاتفاق السياسي الموقع العام الماضي، وربما إلى سيناريو ما بعد انتخابات 2014 التي انتهت بالانقسام. وهذا المأزق الذي بدأ يتسع لن تستطيع الأطراف المحلية تجاوزه، دون مساعدة من الأطراف الدولية، وهو ما يمكن لمؤتمر باريس أن يبلوره لمساعدة الليبيين على تجاوز هذا المنعرج.
العقبة الأكبر التي تهدد مستقبل ليبيا في المدى المنظور تتمثل في انتشار السلاح والمرتزقة الأجانب. وعلى الرغم من التعهدات والتطمينات والاجتماعات التي عقدتها اللجنة العسكرية (5+5) ما يزال الوضع على حاله. وفي ظل وجود هذا الخطر القائم فإن أي أزمة سياسية أو خلاف يمكن أن ينقلب بسرعة إلى معركة وحرب، فبعض الميليشيات والكيانات المسلحة ما تزال كالألغام تحت سطح المشهد السياسي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"