عادي

الإمارات تستضيف «كوب 28» لتعزيز مكاسب حماية المناخ

22:51 مساء
قراءة 4 دقائق
علم الإمارات

إعداد: غادة الحوراني

فوز الإمارات باستضافة الدورة ال28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 28» عام 2023 في أبوظبي، إنجاز جديد مهم وتتويج للجهود والمبادرات الاستباقية البيئية المتميزة في الدولة. إذ سيتمحور «كوب 28» حول «الحالة الاقتصادية للعمل المناخي الشامل»، التي تنسجم مع تاريخ ورؤى الإمارات الطموحة للانحياز الكامل لكوكب الأرض.

وتكتسب الدورة ال28 من مؤتمر الأطراف أهمية كبيرة في تحقيق مستهدفات اتفاقية باريس للمناخ، إذ إنه ينعقد في مرحلة دقيقة يسعى فيها المجتمع الدولي إلى إحراز تقدم في التزامات تم التعهد بها في الاتفاقية. ومن المقرر أن يشهد المؤتمر أول تقييم عالمي للمساهمات المحددة وطنياً إضافة إلى تحديد ملامح الجولة التالية من هذه المساهمات.

ويتزامن استحقاق عقد «كوب 28» مع إعلان هدف طموح وغير مسبوق، نبع من إسهامات الرؤية المستقبلية لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ضمن خطة استراتيجية للدولة بالوصول إلى الحياد الكربوني «صفر كربون» عام 2050، لتكون بذلك الدولة الأولى في الخليج العربي وغرب آسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا. حيث تسعى نحو التزامات واضحة لتقليل الانبعاث الكربوني بحلول 2030، من أجل خفض حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية، فضلاً عن أن الإمارات تمتلك خطة وطنية للتغير المناخي (2017– 2050)، وبرنامجاً وطنياً للتكيف، إضافة إلى العمل على مشروع القانون الاتحادي للتغير المناخي.

وانطلاقاً من العمل المناخي والتعاون متعدد الأطراف، أصبحت الإمارات وجهة مثالية لعقد «كوب 28»، حظيت بدعم كبير من الدول الأعضاء بالمؤتمر في مجموعة آسيا والمحيط الهادئ، لاسيما أن الدولة تستضيف المقر الرسمي الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»، منذ 2015 في مدينة مصدر بأبوظبي، وهو مشروع عمراني منخفض الكربون يتبنى حلولاً مبتكرة في مجال كفاءة الطاقة والمياه، والتنقل، وتقليل النفايات. كما تعد الإمارات أول دولة في المنطقة تلتزم بخفض الانبعاثات في القطاعات الاقتصادية.

يذكر أن المؤتمر السنوي الأكثر حضوراً وتمثيلاً بين مختلف المؤتمرات العالمية؛ يتم بموجب التوزيع الجغرافي الذي اعتمدته الأمم المتحدة؛ حيث تتناوب على استضافة ورئاسة المؤتمر، خمس مجموعات إقليمية هي أولاً: الدول الإفريقية، ثانياً: آسيا والمحيط الهادئ، ثالثاً: دول أوروبا الشرقية، رابعاً: دول أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، خامساً: أوروبا الغربية ودول أخرى.

وقد ساندت الدول ملف ترشح الإمارات الذي قدمه واستعرضه وفد برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، أثناء قمة جلاسكو «كوب 26» الحالية. وقد امتاز الملف الإماراتي بمسيرة تاريخية بناءة في معالجة القضايا البيئية، وتصورات مستقبلية واضحة مبنية على أسس متينة من التعاون بين مؤسسات الدولة والمنظمات العالمية، فضلاً عن شراكات استراتيجية مع دول في مختلف أرجاء الأرض.

وقد أرسى الوالد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أُسس الحفاظ على البيئة من خلال مقولته «المحافظة على الطبيعة التزام وواجب مقدس، يجب علينا ألّا نخل بالتوازن الحيوي، لأن بقاءنا يعتمد عليه، ويجب أن نلعب دوراً إيجابياً في ترك هذه الأرض مكاناً أخضر لأجيالنا المقبلة». وعلى أرض الواقع أطلق المغفور له الشيخ زايد عام 1969 سياسة التشجير التي توسعت بشكل ملحوظ في الدولة. كما ستقدم الإمارات على زراعة نحو 100 مليون شجرة بحلول عام 2030.

ومنذ تأسيسها تسير الدولة على تحفيز وتيرة العمل من أجل المناح وجهود خفض مسببات التغير وتداعياته، وذلك بالمصادقة على اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون عام 1989، والانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ عام 1995، فضلاً عن المصادقة على بروتوكول كيوتو 2005، ومن ثم التوقيع على اتفاق باريس عام 2015 لتكون أول دولة في المنطقة تصادق عليها.

وعقدت الإمارات الاجتماعات التحضيرية لمؤتمرات الأمم المتحدة المناخية في عامي 2014 و2019، إضافة إلى «الحوار الإقليمي للمناخ» في 2021، والذي عزز الالتزامات الإقليمية بشأن الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة قبيل انعقاد قمة القادة بشأن المناخ في الولايات المتحدة. كما رحبت الدولة بالعالم في «إكسبو 2020 دبي» الداعم لإيجاد حلول مستدامة ومبتكرة للتحديات العالمية.

أما رؤية الإمارات للحياد الكربوني فتقوم على خلق فرص اقتصادية جديدة تزيد من التنافسية الصناعية وتجذب الاستثمارات عبر تنويع مصادر الدخل، وخلق فرص للنمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام من أجل تحقيق توازن التنمية المستدامة.

وتعمل الدولة على رفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة إلى 50 في المئة منها 44 في المئة طاقة متجددة، إذ تحتضن الإمارات ثلاثاً من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم وأقلها تكلفة، وإنتاج 6 في المئة من الطاقة النووية وإضافتها إلى الشبكات الكهربائية عبر التشغيل التجاري للمحطة الأولى في «براكة» عام 2020 ليتبعها لاحقاً تشغيل ثلاثة مفاعلات أخرى تنتج طاقة كهربائية إجمالية تعادل 5600 ميجاوات. كما ستشهد العقود الثلاثة المقبلة خفضاً للانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الكهرباء بنسبة 70 في المئة، مما يساهم في الحفاظ على البيئة الساحلية وتعزيز تنوعها الحيوي.

وقطعت الإمارات شوطاً طويلاً في عملية التحويل الاقتصادي النوعي لقطاع الطاقة من خلال الطاقات المتجددة، منذ إعلان مشروع «مدينة مصدر» 2006، وافتتاحه عام 2010، كمحطة عالمية لمشاريع التكنولوجيا النظيفة، والفوز في 2009 باستضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» كمنظمة عالمية قرينة بمنظمة «أوبك».

وتواصل الدولة جهودها في الطاقة النظيفة، من خلال استكشاف إمكانية إنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق، حيث يعمل تحالف أبوظبي للهيدروجين على عقد شراكات دولية بين القطاعين العام والخاص لتطوير سوق مستدامة للهيدروجين كمصدر للوقود.

ومن خلال «مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ» بالتعاون مع الولايات المتحدة و8 دول أخرى، تهدف الإمارات إلى زيادة الاستثمارات في الأبحاث والتطوير وتسريع الابتكار في الممارسات الزراعية المستدامة لتلبية المتطلبات الغذائية عالمياً والتركيز على الحد من الآثار البيئية.

وتتلاءم جهود الإمارات في الاستراتيجيات الوطنية والمبادرات العالمية في الحفاظ على البيئة والحد من التغير المناخي وتداعياته السلبية مع التطلعات الدولية لاتفاقية باريس، وتخدم محور «كوب 28» من أجل خلق توازن ما بين الطموحات الاقتصادية والالتزامات البيئية والمناخية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"