عادي

الصكوك والسندات من منظور شرعي

22:52 مساء
قراءة 3 دقائق

د. عارف الشيخ
الصكوك مفردها صك، والصك معربة كلمة شيك تقريباً، وهو هنا بمعنى وثيقة بمال أو نحوه، وهو أيضاً مثال مطبوع بشكل خاص يستعمله المودع في أحد المصارف للأمر بصرف المبلغ المحرّر به، هكذا ورد في المعجم الوسيط.

- والصك هو السند الذي يعرف في عُرف علماء القانون التجاري، بأنه قرض طويل الأجل تتعهد الشركة المقترضة بموجبه أن تسدد قيمته في تواريخ محددة، هكذا عرفته الموسوعة الاقتصادية لراشد البراوي ص 314.

- والصكوك والسندات، وإن كانتا تشتركان في سوق الأوراق المالية مع الأسهم في جانب، إلا أنهما تختلفان عن الأسهم في جانب آخر.

- وقد ذكر الدكتور محمد عثمان شبير في كتابه «المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي» ص 167. 177، بأن السندات تختلف عن الأسهم من عدة وجوه منها أن:

- السند دين على الشركة، وصاحبه دائن للشركة، في حين أن السهم عبارة عن حصة من رأس المال، وصاحبه شريك وليس بدائن.

- السند يعطي صاحبه حقاً في فائدة ثابتة مقدماً، سواء ربحت الشركة أو خسرت، بخلاف السهم الذي لا يحصل صاحبه على الربح إذا خسرت الشركة.

- ليس لصاحب السند حضور الجمعية العمومية للشركة، لأنه ليس له حق في التصويت ولا في الاشتراك في الإدارة والرقابة، وصاحب السهم شريك في كل ذلك.

- ويذكر عن الصكوك والسندات بأنها شهادات استثمار وهي أنواع ثلاثة:

- شهادات استثمار ذات طبيعة متزايدة، أي تبقى لدى البنك لفترة طويلة، وفي نهاية الأمر يحصل صاحب الصكوك على ما دفعه وعلى الفائدة.

- شهادات استثمار ذات فائدة سنوية.

- شهادات استثمار ذات قيمة متزايدة، ويجرى عليها السحب، بمعنى أنها تستحق فائدة متزايدة، ويجرى عليها السحب، وتعطى عليها جوائز للشهادات الفائزة.

والصكوك أو السندات، بمجملها، اختلف علماؤنا المعاصرون في حكم التعامل بها، ونقول «المعاصرون» لأن السندات مستحدثة ولم تكن موجودة في عهد السلف الذين اتفقوا على أن كل قرض جرّ نفعاً فهو ربا، والصكوك والسندات من هذا النوع عندهم.

أما المعاصرون فجمهور العلماء، ومنهم الشيخ محمود شلتوت، شيخ الأزهر سابقاً، والدكتور علي السالوس، مؤلف كتاب «حكم ودائع البنوك وشهادات الاستثمار»، وغيرهما فأيدوا رأي السلف، واستدلوا بالقرآن الكريم، وقالوا: إن السند قرض على الشركة أصدرته لأجل بفائدة مشروطة وثابتة، وهو من ربا النسيئة الذي حرمه القرآن الكريم.

أما الذي أجاز التعامل بالصكوك والسندات، فهو الشيخ محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر السابق، فأفتى بما لم يُفتِ به سابقوه، بحجة أن السندات صورة من صور المضاربة الجائزة شرعاً، وأنها من المعاملات الحديثة التي تحقق نفعاً للأفراد والأمة، فالأصل في المعاملات الحلّ.

ورأى أن الفائدة التي يحصل عليها مالك الصكوك نوع من المكافآت، وللدولة أن تكافئ أبناءها، وفي الحديث: «من أسدى إليكم معروفاً فكافئوه»، (رواه النسائي)، ثم يقول: وإنها تتم بين الطرفين بالتراضي، ومثلها تكون جائزة شرعاً.

ومن المعاصرين من أجاز شهادات الاستثمار ذات الجوائز من غير فائدة، وهو الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، شيخ الأزهر الأسبق، واعتبرها من المباحات شرعاً؛ لأنها من قبيل الوعد بجائزة أباحها بعض الفقهاء.

ويقول الدكتور محمد عثمان شبير في كتابه المشار إليه سلفاً ص 182: والراجح ما ذهب إليه القائلون بتحريمها، لأنها داخلة في ربا النسيئة المحرم بالكتاب والسنة.

وليس بصحيح أن الصكوك أو السندات مضاربة؛ لأن المضاربة يكون الربح فيها غير مضمون بخلاف السندات، ولا يقال بأنها نافعة للأفراد والأمة، وإلا فإن الربا فيه منافع أيضاً، ولا يقال أيضاً بأنها تتم بالتراضي بين الطرفين، وإلا فإن الزنا يمكن أن يتم بالتراضي أيضاً.

ولا يقال بأنها شهادات ذات جوائز وهي تدخل في نطاق الوعد بجائزة الذي أباحه بعض الفقهاء، والصحيح أنها تدخل في باب القمار والميسر عن طريق «اليانصيب» المحرم شرعاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"