عن الفقر والجوع

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

آفة الفقر في العالم، مثلها مثل جائحة «كورونا» والجوع وأزمة المناخ، كلها تشكل خطراً على البشرية، لأنها تتناسل من بعضها بعضاً، وقد بدأت تداعياتها تطلّ بشكل مأساوي وكارثي، وتشق طريقها من دون رادع، آخذة في طريقها ملايين البشر، بين ضحايا، وجوعى، وغرقى، ومشرّدين، ولاجئين.
 هذه المأساة التي يعيشها العالم في القرن الواحد والعشرين، وتُعقد المؤتمرات والاجتماعات وتُصدر البيانات بشأنها، ما كان لها أن تستفحل لولا البشر أنفسهم، وتحديداً الدول التي تمتلك القوة والإمكانات التي تستبيح الكرة الأرضية، وما عليها، جراء جوعها للجشع والسيطرة والهيمنة، وإهدار المليارات على الحروب والتسلح، وإصرارها على العبث بالأرض، وعدم اكتراثها للبيئة والإنسان ومستقبله، وما يمكن أن نتركه للأجيال القادمة.
 كانت تقديرات برنامج الغذاء العالمي تفترض، مثلاً، أن يبلغ عدد الفقراء في العالم ما بين 88 مليوناً و115 مليون شخص، لتجد نفسها مضطرة لأن ترفع توقعاتها إلى ما بين 119 و124 مليون شخص في عام 2021، بسبب تداعيات جائحة «كورونا»، من دون احتساب عدد الفقراء الذين وقعوا ضحية الكوارث المناخية، من فيضانات وأعاصير وجفاف وحرائق.
 أما عدد المهددين بالسقوط في المجاعة فقد يصل إلى 45 مليون شخص، في 43 دولة، مع ارتفاع مستويات الجوع الحاد في العالم، حسب برنامج الغذاء العالمي. ووفقاً للمدير التنفيذي للبرنامج، ديفيد بيزلي، فقد دعا إلى توفير سبعة مليارات دولار لتجنب المجاعة. وتحدث بيزلي عن حالات مأساوية في بعض الدول، مثل أكل الجراد والأوراق البرية أو الصبار للبقاء على قيد الحياة في مدغشقر، أو تناول كميات أقل من الطعام، أو تفويت الوجبات تماماً في بعض الدول. وحذّر بيزلي من أن «عشرات الملايين من الناس على وشك الوقوع في الهاوية تحت وطأة الصراعات والتغير المناخي وجائحة «كورونا» التي تؤدي إلى ارتفاع حاد في أعداد الجياع».
 من جهته، يشير تقرير جديد للبنك الدولي إلى أن ما يصل إلى ثلثي عدد المُدقعين في العالم قد يعيشون في بيئات هشة ومتأثرة بالصراعات بحلول عام 2030، ما لم تُتخذ تدابير عاجلة.
 وما لم يتم التصدي لمربع الفقر والجوع والوباء والمناخ، فلن يتمكن العالم من الخروج من أزماته، بل تبدو الآفاق أكثر سوداوية، ويبدو مصير العالم معلّقاً على أمل باهت.
 ما هو الحل؟ سؤال مطروح من أكثر من جهة دولية، ومن أكثر من مهتم بقضايا الإنسان والأرض.
ولعل أفضل وسيلة لبلوغ هذا الهدف، هو أن يتّحد العالم لمواجهة هذه الآفات مجتمعة، بأن يتخلى عن الأنانية ونوازع السيطرة، ويقلّص ميزانيات التسلح لدعم المؤسسات الإنسانية الدولية، ويلغي الديون المتراكمة على الدول الفقيرة والنامية، ويوفر لها المساعدات للتغلب على أزماتها، وأن يخرج أثرياء العالم من أبراجهم العاجية، ويقدموا لفقراء العالم بعض ما اكتسبوه من مليارات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"