ما تصنعه الأيدي العابثة

00:38 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي غير معزولة عن حالة الفوضى العارمة التي تجتاح البلاد، من جراء انتشار السلاح في أيدي الميليشيات المنفلتة.

استهداف منزل الكاظمي بثلاث طائرات مُسيّرة يحمل بصمات ميلاشيوية؛ إذ إن كل الدلائل تشير إلى أنها تتبع لطرف سياسي له أجندات غير محصورة في العراق حسب الكثير من الخبراء، خاصة أن الانتخابات التي أجريت في 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 شهدت مقاطعة كبيرة، وانتهت بتراجع في حجم بعض الكتل السياسية التي تملك أذرعاً عسكرية، وفق النتائج الأولية؛ لذا فإن الهجوم الذي لم تتبنه أي جهة لا يمكن فصله عن التطورات المرتبطة بنتائج الانتخابات التي تعترض عليها كتل سياسية ممثلة لفصائل غير راضية عن مسار الكاظمي السياسي الذي سعى جاهداً إلى تعزيز سلطة الدولة على حساب هذه القوى المتنفذة في البلاد التي خسرت نحو ثلث مقاعدها في البرلمان الجديد، وسرعان ما بادرت إلى التنديد بحصول «تلاعب» و«احتيال» في نتائج العملية الانتخابية، وحمّلت الحكومة مسؤولية «التزوير».

الكاظمي عقب محاولة اغتياله خرج في خطاب قصير، أربك خصومه؛ إذ لم يصرح بأسمائهم مع إشارته إلى معرفتهم، وأرجع دوافع عملية استهدافه إلى أنه يعمل على بناء الوطن، عبر احترام الدولة ومؤسساتها، ملمحاً إلى أن ثمة «بعض» من يريد إخضاع الدولة لسلطته ولو بقوة السلاح أو بخرق الدستور، مؤكداً أن «الصواريخ والمُسيّرات الجبانة لا تبني أوطاناً، ولا تبني مستقبلاً»، إنما قال فعلياً: «إن الجهة الواقفة خلف هذه العملية داخلية، وإنها ليست التنظيمات الإرهابية، مثل «داعش» وغيره بل هي طرف له مشروع سياسي وشريك في العملية السياسية».

هذه المحاولة لها ما بعدها؛ إذ قد تكون كفيلة بإيجاد خريطة سياسية جديدة في بلاد الرافدين، عبر تكتل ضخم يضم في داخله القوى السياسية الرافضة لهيمنة السلاح المنفلت الذي يُستخدم خارج سيطرة الدولة. فالعملية واجهت رفضاً منقطع النظير سواء على المستوى الداخلي العراقي، أو على المستوى الدولي، وأوجدت تعاطفاً عارماً ليس فقط مع شخص رئيس الوزراء وإنما مع الحالة التي وصل إليها العراق؛ إذ إنه أصبح ساحة لتصفية الخصوم بالقتل والاغتيال.

النهج الجديد الذي أضحت تتبعه قوى عدة، بات يطالب بتقوية ذراع الدولة، ومحاسبة كل من يسعى إلى نشر الفوضى مهما كان موقعه أو حجمه، لأنه في حال نجحت المحاولة، فإن العراق كان سيدخل نفقاً مظلماً، وحريقاً سيطال الجميع، وربما اتجهت البلاد إلى حرب أهلية تدمر ما تبقى من العراق، حيث صراع المصالح والفساد، والسلاح المنفلت.

لا حل للعراق سوى بتكاتف القوى الوطنية فيه، ولفظ كل خارج عن هذا المسار، والبدء بانتشاله من مسار الضياع الحالي، وإلا فإن الأحداث الماضية ستكون نزهة مع المستقبل الذي يحمل في طياته الكثير من الأحداث المؤلمة التي ستصنعها الأيدي العابثة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"